154

حصوننا مهددة من داخلها

حصوننا مهددة من داخلها

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Édition

الثامنة

Année de publication

١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م

Lieu d'édition

بيروت

Genres

استنبط فيها قواعد للهجة مصر العامية - وقد اقتصر معظمهم على لهجة القاهرة - محاولًا إقناع المصريين بأن لهجتهم هذه لها كل مُقوِّمات اللغة الراقية. ولاك الناس كلامهم من بعد. فردده كل ببغاء وكل بوق وكل سمسار وكل فاسد العقيدة مزعزعَ الإيمان. وليس في كلام هؤلاء جميعًا على اختلاف طبقاتهم ودرجاتهم - من لطفي السيد وحزبه إلى طه حسين وشيعته - فكرة جديدة. فكل ما قالوه وما يقولونه ترديد لما قاله هؤلاء. حتى الذين أكثروا من الكلام فيما سموه (الأدب الشعبي) وادَّعوا أنهم جمعوا فيه ما جمعوا من آثار لم يكونوا إلا ناقلين مما جمعه أمثال ماسبيرو وبوريان. بل لقد اعتمدوا عليهم في تصنيف ما جمعوه وفي ترتيبه وتبويبه أيضًا. ولولا خشية الإِطالة وضيقُ المقام لأوردت النصوص التي تثبت ما أقول.
وبعد، فقد وعد الله سبحانه أن يحفظ قرآنه إذ قال وقوله الحق: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ [الحجر: ٩]
وهل يكون حفظه إلا بحفظ لغته؟ وإني لأعرف أن الهدامين من الإِنس والجن أضعف كيدًا من أن ينقضوا ما قضاه الله سبحانه. وإنما أقول ما أقول إبراءًا للذمة، واغتنامًا للأجر، وخضوعًا لسنة الله الذي يضرب الحق والباطل، والذي ألزم أهل الإِيمان محاربة أهل الكفر والضلال ومكافحتهم ليبلوَ بعض الناس ببعض. وإنما هو قضاءٌ سبق في علم الحكيم العلم وتقديره، يَشقى به المفسدون ومن تبعهم - وبعملهم يشقون - ويسعد به من هداهم الله للذود عن الحق والمنافحة عن الدين، في يوم يتبرأ فيه أئمة الشر ممن تبعوهم، ويقول الذين اتبعوهم ﴿لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)﴾ (البقرة: ١٦٧)

1 / 159