Comment tirer profit des six livres de Hadith
كيف نستفيد من الكتب الحديثية الستة
Maison d'édition
دار المغني،الرياض
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
مقدمة
...
كيف نستفيد من الكتب الحديثية الستة
محاضرة ألقاها: عبد المحسن بن حمد العباد البدر بالجامعة الإسلامية بالمدينة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسله بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَه على الدِّين كلِّه، فبلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونَصح الأمَّةَ، اللَّهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن سلَك سبيلَه واهتدى بِهُداه إلى يوم الدِّين.
أما بعد:
فهذه لَمحاتٌ يسيرةٌ في الاستفادة من كتب الحديث الستة وهي؛ صحيح البخاري، وصحيح
1 / 3
مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وسنن ابن ماجة.
فأقول: إنَّ أعظمَ نعمة أنعم اللهُ تعالى بها على أمّة محمد ﷺ أن بَعث فيها رسولَه الكريم محمدًا عليه أفضل الصلاة وأتَمّ التسليم، ليُخرجهم به من الظلمات إلى النور، فقام بهذه المهمة خيرَ قيام، وأدَّى ما أرسله الله تعالى به على التمام والكمال، فما ترك خيرًا إلاَّ دلَّ الأمّة عليه ورغّبها فيه، وما ترك شرًّا إلاَّ حذَّرها منه ونَهاها عنه، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وكان التوفيقُ حليفَ صحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؛ إذ اختارهم الله تعالى لصحبته، وشرَّف أبصارَهم في الحياة الدنيا بالنَّظر إلى طلعته، ومتَّع أسماعَهم بسماع حديثه الشريف مِن فمه الشريف صلوات الله وسلامه عليه، فتَلَقَّوا عنه
1 / 4
القرآن، وكلَّ ما صدر عنه ﷺ مِن قول أو فعل أو تقرير، وأدّوه إلى مَن بعدهم على التمام والكمال، فصاروا بذلك أسبقَ الناس إلى كلِّ خير، وأفضلَ هذه الأمّة التي هي خير الأمم. ثمَّ بعد أن انقرض عصر الصحابة بدأ تدوينُ الحديث وجمعه بأسانيده إلى رسول الله ﷺ، وتتابع التأليفُ في تدوين السنة حتى جاءت المائة الثالثة التي ازدهر فيها التأليف، وكان مِن أهمِّ المؤلفات التي أُلِّفت في السُّنَّة على الإطلاق؛ صحيح الإمام أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري ﵀، المولود سنة (١٩٤هـ) والمتوفى سنة (٢٥٦هـ)، وصحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجّاج النيسابوري، المولود سنة (٢٠٤هـ) - وهي السنة التي توفي فيها الإمام الشافعي ﵀ والمتوفى سنة (٢٦١هـ)، ثمَّ سنن الأئمة الأربعة: أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة (٢٧٥هـ)،
1 / 5
وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة (٣٠٣هـ)، وأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى سنة (٢٧٩هـ)، وأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني المتوفى سنة (٢٧٣هـ) .
وهذه الكتبُ هي التي اشتهرت بالكتب الستة، وقد لَقيت عنايةً خاصةً واهتمامًا كبيرًا من العلماء فيما يتعلق بمتونها ورجالها.
وأوَّلُ هذه الكتب صحيح الإمام أبي عبد الله البخاري ﵀، وهو أصَحُّ الكتب المؤلَّفة في الحديث على الإطلاق، ويليه في الصحة صحيحُ الإمام مسلم ﵀، وهذان الكتابان لقيا عنايةً فائقةً، وذلك لعناية مؤلِّفِيهما بجمع كثير مِمَّا صَحَّ عن رسول الله ﷺ، ولَم يسْتوعبَا كلَّ صحيح، ولَم يلتزِمَا ذلك، بل يوجدُ خارج الصحيحين أحاديثُ كثيرةٌ صحيحة، ولكن الذي في الصحيحين جملةٌ
1 / 6
كبيرة من الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله ﵊.
وما اتَّفقَ عليه الشيخان البخاري ومسلم - رحمهما الله - هو أعلى درجة مِمَّا انفرد به أحدهما، وعلى ذلك فإنَّ درجات الصحيح بالنسبة لما رواه البخاري ومسلم أو لَم يَرْوِيَاه سبعُ درجات:
الأولى: ما اتفق عليه البخاري ومسلم، والثانية: ما انفرد به البخاري، والثالثة: ما انفرد به مسلم، والرابعة: ما كان على شرط البخاري ومسلم ولم يخرِّجاه، والخامسة: ما كان على شرط البخاري ولم يُخرِّجه، والسادسة: ما كان على شرط مسلم ولم يخرّجه، والسابعة: ما لم يكن في الصحيحين وليس على شرطهما وهو صحيح.
فهذه درجاتٌ سبع للحديث الصحيح، وأعلاها كما تقدم ما اتفق عليه البخاري ومسلم، وأحسنُ
1 / 7
كتاب أُلِّف في ذلك كتاب "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي المتوفى سنة (١٣٨٨هـ)، وقد رتَّبه وفقًا لترتيب الإمام مسلم، وأمّا النص الذي يثبته فمن صحيح البخاري، حيث يختار أقربَ لفظ في صحيح البخاري يوافق ما في صحيح مسلم فيثبته، وإنَّما أتى به على ترتيب مسلم؛ لأنَّ الإمام مسلمًا ﵀ يجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد في مكان واحد فيسردها، ويذكر حديثًا يعتبره أصلًا ثمَّ يأتي بالطرق الأخرى والأسانيد ويذكر الإضافات والنقصَ والفروقَ التي بينها وبين الحديث الذي اعتبره أصلًا، فيثبت الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي لفظَ الحديث عند البخاري في موضعه من صحيح مسلم ثمَّ يقول: أخرجه البخاري في كتاب كذا، باب كذا، ويذكر رقم الكتاب ورقم الباب، وإنَّما لم يثبته على ترتيب البخاري؛ لأنَّ
1 / 8
البخاريَّ يُقطِّع الأحاديث ويفرّقها في أبواب متعددة للاستدلال بها على ما يترجم به من المسائل، لأنَّه أراد أن يكون كتابه كتاب رواية ودراية، وقد بلغ مجموع الأحاديث في كتاب "اللؤلؤ والمرجان" (١٩٠٦) حديث.
ويقول العلماء عند العزو لما كان في الصحيحين: رواه البخاري ومسلم، أو أخرجه الشيخان، أو متفق عليه، وعبارة"متفق عليه" في الاصطلاح المراد بها اتفاق البخاري ومسلم، إلاَّ عند المجد ابن تيمية جدّ شيخ الإسلام ابن تيمية صاحب "منتقى الأخبار" الذي شرحه الشوكاني في "نيل الأوطار"، فإنه يريد "بمتفق عليه" بالإضافة إلى البخاري ومسلم، الإمام أحمد في المسند، فإذا قال: متفق عليه، فإنه يعني الثلاثة.
1 / 9
١ - صحيح البخاري
صحيح الإمام البخاري أصحُّ كتب السُّنَّة، وموضوعُه الأحاديث المسندة المرفوعة إلى رسول الله ﷺ، وقد أراد البخاري أن يكون كتابُه كتابَ دراية، بالإضافة إلى كونه كتابَ رواية؛ كتاب حديث وفقه، من أجل ذلك اتَّبع طريقةً تَميَّز بها عن الإمام مسلم في صحيحه، وذلك بتقطيع الأحاديث وتفريقها وإيرادها تحت أبواب، من أجل الاستدلال بها على ما يترجم به، ومع تكرار الأحاديث في مواضع متعددة لا يخلي المقامَ من فائدة إسنادية أو متنية. وذلك أنَّه إذا أورد الحديث مكررًا يورده عن شيخ آخر، فيُستفاد من ذلك تعدُّدُ طرق الحديث، والأحاديث التي كررها إسنادًا ومتنًا قليلةٌ جدًا تزيد على العشرين قليلًا، كما أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح (١١/٣٤٠) وكما في كتاب كشف الظنون (/٣٦٣) .
1 / 10
وقد ذكرت مواضع تلك الأحاديث في الفائدة (٢٥٤) من كتابي "الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى".
وهذه الطريقة التي اتَّبعها البخاري في تفريقه الأحاديث على الأبواب ترتَّب عليها وجودُ بعض الأحاديث في غير مَظنَّتها، فظنَّ بعضُ العلماء خلوَّ الكتاب منها كما حصل للحاكم ﵀ في المستدرك حيث استدرك على البخاري أحاديث، وقال إنَّه لم يخرجها مع وجودها في صحيح البخاري، ومن أمثلة ذلك الحديث الذي رواه البخاري (٢٢٨٤) في كتاب الإجارة في النهي عن عَسْب الفَحْل، فقد استدركه الحاكم على البخاري فوهم، قال الحافظ في شرح الحديث: "وقد وهم في استدراكه، وهو في البخاري كما ترى، وكأنّه لَمّا لَم يره في كتاب البيوع توهم أنَّ البخاري لم يخرجه".
1 / 11
وأمَّا فقهُ البخاري فهو واضح من تراجمه التي وصفها الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح بكونها حيَّرت الأفكارَ وأدهشت العقولَ والأبصارَ، وبكونها بعيدةَ المنال منيعةَ المثال، انفرد بتدقيقه فيها عن نظرائه، واشتهر بتحقيقه لها عن قرنائه.
ومن أمثلة دقَّته في تراجمه قوله في كتاب الإجارة: "باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام أو بعد شهرٍ أو بعد سنة جاز وهما على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء الأجل" والمقصودُ من هذه الترجمة أنَّ مدة الإجارة لا يشترط فيها أن تكون تالية لوقت إبرام العقد، وأورد تحت هذه الترجمة حديث عائشة ﵂ (٢٢٦٤) في استئجار النَّبِيِّ ﷺ وأبي بكر ﵁ رجلًا من بنِي الدِّيل هاديًا خرِّيتًا ودفعَا إليه راحلتيهما، ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال.
ومن منهج البخاري في صحيحه أنه قد يروي
1 / 12
الحديث في موضع واحد بإسنادين عن شيخين فيجعل المتن للشيخ الثاني منهما، أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (١٤٣٦) وقال:"وقد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنَّه إذا أورد الحديثَ عن غير واحد فإنَّ اللَّفظَ يكون للأخير، والله أعلم".
ومن منهج البخاري أيضًا في صحيحه أنَّه إذا مرَّت به لفظةٌ غريبةٌ توافق كلمةً في القرآن أتى بتفسير تلك الكلمة التي من القرآن، فيكون بذلك جمع بين تفسير غريب القرآن والحديث، أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح في مواضع متعددة انظر على سبيل المثال (٣/١٩٦، ٣٢٤، ٣٤٣) .
والحافظ ابن حجر - عليه رحمة الله - تَمكَّن من معرفة اصطلاحات البخاري ومنهجه في صحيحه، وقد ذكرتُ في كتاب "الفوائد المنتقاة من فتح الباري
1 / 13
وكتب أخرى" جملةً كبيرةً من الفوائد المتعلقة بذلك من الفائدة (٢٢٦) إلى (٢٨٤) .
ولأهميَّة صحيح البخاري لقي عنايةً من العلماء في مختلف العصور، وكان على رأس الذين وفِّقُوا للعناية بهذا الكتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة (٨٥٢هـ)، فقد شرحه شرحًا نفيسًا واسعًا جمع فيه ما اقتبسه من غيره مِمَّن تقدَّمَه، وما وفَّقَه الله لفهمه واستنباطه من ذلك الكتاب العظيم، وذلك في كتابه "فتح الباري" الذي يُعتبر حدًا فاصلًا بين مَن سبقه ومَن لحقه، فالذين تقدَّموه جَمع ما عندهم، والذين تأخروا عنه صار كتابُه مرجعًا لهم، وقد طُبع كتاب "فتح الباري" في المطبعة السلفية في مصر، واشتملت الأجزاء الثلاثة الأولى منه على تعليقات نفيسة لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز
1 / 14
رحمه الله١، وقد أُثبت في هذه الطبعة ترقيم أحاديث الكتاب التي وضعها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي. وطريقته في الترقيم أنَّه يُثبت في أوَّل موضع يَرِدُ فيه ذكرُ الحديث أرقامَه في المواضع الأخرى التي تأتي بعد ذلك، وعند ورود الحديث في تلك المواضع لا يشير إلى الموضع الأول الذي ذُكرت فيه الأرقام، ويمكن الاهتداء إلى الموضع الأول بالنظر في شرح الحافظ ابن حجر للحديث، فقد يشير فيه إلى المواضع المتقدمة، ويمكن ذلك أيضًا بالرجوع إلى "فهارس البخاري" لرضوان محمد رضوان، فإنَّه عندما يأتي للمواضع التي تكرر فيها ذكر الحديث يقول: انظر كذا رقم كذا، مشيرًا إلى الكتاب الذي ورد فيه ذكر الحديث
_________
١ ألقيت هذه المحاضرة قبل عشرين سنة، وجرى تحريرها لطباعتها هذا العام (١٤٢٣هـ)، وكانت وفاة شيخنا ﵀ في السابع والعشرين من شهر المحرم عام (١٤٢٠هـ) .
1 / 15
أول مرة ورقمه.
وعددُ كتب صحيح البخاري سبعةٌ وتسعون كتابًا، وعددُ أحاديثه بالتكرار كما في ترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي (٧٥٦٣) حديثٍ، وفي صحيح البخاري اثنان وعشرون حديثًا ثلاثيًا.
٢ - صحيح مسلم وصحيحُ الإمام مسلم يلي صحيحَ البخاري في الصحة، وقد اعتنى مسلمٌ ﵀ بترتيبه، فقام بجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد فأثبتها في موضع واحد، ولَم يُكرِّر شيئًا منها في مواضع أخرى، إلاَّ في أحاديث قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ولَم يضع لكتابه أبوابًا، وهو في حكم المُبوَّب؛ لجمعه الأحاديث في الموضوع الواحد في موضع واحد. ومِمَّا تَميّز به صحيح الإمام مسلم إثبات الأحاديث بأسانيدها ومتونها كما هي من غير تقطيع
٢ - صحيح مسلم وصحيحُ الإمام مسلم يلي صحيحَ البخاري في الصحة، وقد اعتنى مسلمٌ ﵀ بترتيبه، فقام بجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد فأثبتها في موضع واحد، ولَم يُكرِّر شيئًا منها في مواضع أخرى، إلاَّ في أحاديث قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ولَم يضع لكتابه أبوابًا، وهو في حكم المُبوَّب؛ لجمعه الأحاديث في الموضوع الواحد في موضع واحد. ومِمَّا تَميّز به صحيح الإمام مسلم إثبات الأحاديث بأسانيدها ومتونها كما هي من غير تقطيع
1 / 16
أو رواية بمعنى، مع المحافظة على ألفاظ الرواة، وبيان مَن يكون له اللفظ منهم، ومن عبَّر منهم بلفظ حدثنا، وبلفظ أخبرنا، وقد أثنى الحافظُ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في كتابه "تهذيب التهذيب" على حُسن عنايته في وضع صحيحه، فقال:"قلت: حصل لمسلم في كتابه حظٌّ عظيم مفرط لَم يحصل لأحد مثله، بحيث إنَّ بعضَ الناس كان يُفضِّله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لِمَا اختَصَّ به من جَمع الطرق وجَودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي، من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نهج على منواله خَلقٌ من النيسابوريين فلم يبلغوا شَأْوَه، وحفظت منهم أكثرَ مِن عشرين إمامًا مِمَّن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب".
وقد قام الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي ﵀
1 / 17
بالعناية بإخراج صحيح مسلم ووضع فهارس له متعددة مفصلة، وطُبع الكتاب بعمله هذا في أربعة مجلدات أَثبت فيها تراجم الأبواب التي وضعها الإمام النووي ﵀ وهي ليست من عمل مسلم، كما قام بترقيم الأحاديث الأصلية فيه فبلغت
(٣٠٣٣) حديثٍ، وبلغ مجموع كتب صحيح مسلم أربعة وخمسين كتابًا، ووضع الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي مجلدًا خامسًا مشتملًا على الفهارس المتنوعة المفصلة لصحيح مسلم ﵀، وأعلى الأسانيد في صحيح مسلم الرباعيات.
٣ - سنن أبي داود كتاب السنن لأبي داود كتابٌ ذو شأن عظيم، عُنِيَ فيه مؤلِّفه بجمع أحاديث الأحكام وترتيبها وإيرادها تحت تراجم أبواب تَدلُّ على فقهه وتَمَكُّنه في الرواية والدراية، قال فيه أبو سليمان الخطابي في
٣ - سنن أبي داود كتاب السنن لأبي داود كتابٌ ذو شأن عظيم، عُنِيَ فيه مؤلِّفه بجمع أحاديث الأحكام وترتيبها وإيرادها تحت تراجم أبواب تَدلُّ على فقهه وتَمَكُّنه في الرواية والدراية، قال فيه أبو سليمان الخطابي في
1 / 18
أول كتاب "معالم السنن": "وقد جَمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدِّمًا سبقه إليه ولا متأخرًا لحقه فيه".
وللحافظ المنذري تهذيب لسنن أبي داود وللإمام ابن القيم تعليقات على هذا التهذيب، وقد وصف ابن القيم ﵀ "سنن أبي داود" و"تهذيب" المنذري وما علقه عليه فقال: "ولَمَّا كان كتاب السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ﵀ من الإسلام بالموضع الذي خصَّه الله به، بحيث صار حكمًا بين أهل الإسلام، وفصلًا في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبِحُكمه يرضى المحققون، فإنَّه جمع شَملَ أحاديث الأحكام، ورتَّبها أحسن ترتيب، ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، واطّراحه منها
1 / 19
أحاديث المجروحين والضعفاء، وكان الإمام العلامة الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري - رحمه الله تعالى - قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزوِ أحاديثه وإيضاح علَله وتقريبه، فأحسن حتَّى لَم يكد يدع للإحسان موضعًا، وسبق حتى جاء من خلفه له تبعًا: جعلت كتابه من أفضل الزاد، واتخذته ذخيرة ليوم المعاد. فهذَّبتُه نحو ما هذَّب هو به الأصل، وزِدتُّ عليه من الكلام على عِلَل سكت عنها أو لَم يُكملها، والتعرض إلى تصحيح أحاديث لم يصححها، والكلام على متون مشكلة لم يفتح مُقفلَها، وزيادة أحاديث صالحة في الباب لَم يشر إليها، وبسطت الكلام على مواضع جليلة، لعلَّ الناظرَ المجتهد لا يجدها في كتاب سواه".
وكتاب سنن أبي داود مقدَّمٌ على غيره من كتب السنن الأخرى، وقد بلغ مجموع كتبه خمسة وثلاثين
1 / 20
كتابًا، وبلغ مجموع أحاديثه (٥٢٧٤) حديث.
وأعلى الأسانيد في سنن أبي داود الرباعيات وهي التي يكون بينه وبين رسول الله ﷺ فيها أربعة أشخاص. ولسنن أبي داود عدة شروح من أشهرها عون المعبود لأبي الطيب شمس الحق العظيم آبادي.
٤ - سنن النسائي صنَّف الإمامُ النسائي - عليه رحمة الله - في السنن كتابين هما؛ السنن الكبرى، والصغرى التي اختصرها منها، ويُقال لها المجتبى أي: المختارة من الكبرى، والسنن الصغرى هي التي لقيت عنايةً خاصة من العلماء، وهي التي اعتُبِرَت أحد الكتب الحديثية الستة، وهو كتاب عظيم القدر، كثير الأبواب، وتراجم أبوابه تدل على فقه مؤلفه، بل إنَّ منها ما تظهر فيه دقَّةُ الإمام النسائي في الاستنباط، ومن أمثلة ذلك: قوله في أوائل كتاب الطهارة:"الرخصة في
٤ - سنن النسائي صنَّف الإمامُ النسائي - عليه رحمة الله - في السنن كتابين هما؛ السنن الكبرى، والصغرى التي اختصرها منها، ويُقال لها المجتبى أي: المختارة من الكبرى، والسنن الصغرى هي التي لقيت عنايةً خاصة من العلماء، وهي التي اعتُبِرَت أحد الكتب الحديثية الستة، وهو كتاب عظيم القدر، كثير الأبواب، وتراجم أبوابه تدل على فقه مؤلفه، بل إنَّ منها ما تظهر فيه دقَّةُ الإمام النسائي في الاستنباط، ومن أمثلة ذلك: قوله في أوائل كتاب الطهارة:"الرخصة في
1 / 21
السِّواك بالعشي للصائم"، وهي مسألة للعلماء فيها قولان: أحدهما: منع الاستياك بعد الزوال، قالوا: لأنَّه يُذهب الخُلُوف الوارد في قوله ﷺ: "لَخُلُوف فمِ الصائم أَطيَبُ عند الله مِن ريحِ المسك"، والقول الثاني: الجواز لدخوله تحت عموم قوله ﷺ: "لولا أن أَشُقَّ على أُمَّتي لأمرتُهم بالسِّواك عند كل صلاة"، وقد أورد النسائي هذا الحديث تحت هذه الترجمة، وهو أرجح القولين في المسألة لدلالة الحديث على ذلك، قال السِّندي في حاشيته على السنن مُنَوِّهًا بدقة الإمام النسائي قال:"ومنه يؤخذ ما ذكره المصنف من الترجمة، ولا يخفى أنَّ هذا من المصنف استنباط دقيق وتيقظ عجيب، فللَّه درُّه ما أدقَّ وأحدَّ فهمه".
وأعلى الأسانيد في سنن النسائي الرباعيات، وقد بلغ مجموع كتبه واحدًا وخمسين كتابًا وبلغت
1 / 22