Le Parti Hashimite et la Fondation de l'État Islamique
الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
Genres
5
هذا إضافة إلى حملة الفيل المشهورة على مكة. ولعل الصراع الذي نشأ في اليمن بين الديانة اليهودية والديانة المسيحية كان ناتج سعي الرومان للحد من نفوذ اليمن وسيطرته على الشريان التجاري. وعادة ما اتخذ مثل ذلك الصراع أشكالا دينية، وقد بدأ بلا جدال في تحالف الحبشة - كمنافس لليمن - مع الروم، واعتناق المسيحية، من أجل دعم سيطرتهم على الطريق التجاري. ثم ظلت اليمن محلا لاصطراع الروم والفرس، أو اصطراع المسيحية المدعومة من الروم، واليهودية المدعومة من الفرس، «لظروف اقتصادية بحتة»؛ حتى الفتح الإسلامي سنة 628م.
وقد فشلت الحملات جميعها على الحجاز ولم تحقق أغراضها، وما إن أطل القرن السادس على ربعه الأخير، حتى بدأت المنافسة بين مكة ويثرب - أهم محطتين في الحجاز - تبدو أكثر وضوحا. وكان ممكنا أن تصبح يثرب صاحبة شأن خطير في العصر الجاهلي، بحسبانها محطة مرور ضرورية يمر عليها الطريق التجاري القادم من مكة شمالا، لولا دخولها مرحلة تمزق، نتيجة الخلافات الداخلية التي ربما كان سببها تركيبها الهجين؛ فبرغم تجانس السكان - فسكانها من الأوس والخزرج من اليمن وبطون اليهود يعودون إلى أصول يمنية - فإن العامل الديني ووجود اليهود فيها كان لا شك عاملا مؤججا للصراع الداخلي، حتى أشرفت على هلاك كامل أدى بها إلى محاولة سبق لمكة؛ فكادت تقوم بها مملكة على يد «عبد الله بن أبي بن أبي سلول» قبل الهجرة النبوية إليها.
6 «ولم تكن قريش بريئة كل البراءة مما يحدث في يثرب»، وإنما أسفرت عن توجهها بالتحالف مع الأوس ضد الخزرج يومي معبس ومضرس، وهو مما يلقي الضوء على المستقبل القريب؛ «عندما يتحالف أهل يثرب وعلى رأسهم الخزرج مع النبي
صلى الله عليه وسلم
ضد قريش»، ويفسر لنا التحالف الذي سبق ذلك بين عبد المطلب بن هاشم ممثلا لبني هاشم، وبين الخزرج من أهل يثرب.
ومع نهاية القرن السادس الميلادي نجد مكة تقف على الطريق، مالكة لمركز رئاسي لا شك فيه، بعد أن أتاحت لها الظروف الداخلية تجميع التجارة الخارجية في يدها، وأتاحت لها الظروف الخارجية أن تستغل الأوضاع العالمية لصالحها، خاصة الصراع الدولي الهائل بين الروم والفرس في الشمال والجنوب، وهو الأمر الذي أعانها على «القيام بأمر تجارة العالم، والنجاح فيه بكفاية أكسبت أهل مكة ثروة عظيمة»، فحظيت باحترام عربي عام؛ حتى باتت مؤهلة للزعامة، في وقت أخذ فيه العرب يتطلعون إلى منطقة عربية مستقلة تتولى زعامة النهضة العربية وتقودها. أو كما يقول الدكتور «أحمد الشريف»: «أصبحت أهلا لأن تكون موضع النواة في قيام نهضة قومية عربية ، واطمأنت قريش إلى هذا المركز، وعملت على دعمه، وحرصت على دوامه.»
7
الكعبات
هكذا تناثرت - في الوسط الاجتماعي العربي - جماعات البشر على هيئة قبائل متنافرة؛ لا حكم فيها ولا سلطة إلا للعرف القبلي، الذي يختلف بدوره باختلاف القبائل وظروفها. ومع تعدد القبائل تعددت المشيخات وكثر الشيوخ وأبطال الغزو؛ أولئك الذين تحولوا بعد موتهم إلى أسلاف مقدسين، وأقام لهم أخلافهم التماثيل والمحاريب، ليلتمسوا عندهم العون كلما حزبهم أمر أو حل بهم جلل. ومن أجل هؤلاء الصالحين السالفين، أقيمت بيوت العبادة، وشرعت طرق التقرب إلى الأرباب أو الأسلاف (الرب لغة هو سيد الأسرة أو القبيلة، وهو بعلها)؛ ومن ثم تعددت الأرباب بتعدد الأبطال والصالحين الراحلين، و«بتعدد الأرباب تعددت الكعبات»! حيث كانت الكعبة (البناء المكعب) هي الصيغة المعمارية المفضلة لبيوت أرباب الجاهلية، وأحيانا أخرى كانت هذه الكعبات تقام تقديسا للأحجار الغريبة والنادرة؛ مثل الأحجار البركانية أو النيزكية، وكلاهما كان يغلب عليه اللون الأسود نتيجة عوامل الاحتراق. ونظن هذا التقديس ناتجا - إضافة لغرابة شكل الحجر - من كونه قادما من عالم غيبي مجهول؛ فالحجر البركاني مقذوف ناري - من باطن الأرض وما صيغ حوله من أساطير قسمته طبقات ودرجات، واحتسبته عالما لأرواح السالفين المقدسين - كذلك الحجر النيزكي، وربما كان أكثر جلالا لكونه كان يصل الأرض وسط مظاهرة احتفالية سماوية تخلب لب البدوي المبهور؛ فهو يهبط بسرعة فائقة محتكا بغلاف الأرض الغازي، فيشتعل مضيئا ومخلفا وراءه ذيلا هائلا؛ لذلك كان هول رؤيته «في التصور الجاهلي» دافعا لحسبانه ساقطا من بيوت وعرش الآلهة في السماء، حاملا معه ضياء هذا المكان النوراني؛ ومن ثم كان طبيعيا أن يحاط بالتكريم والتبجيل.
Page inconnue