تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
Maison d'édition
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Genres
المثقفين الذين ترجع أصولهم إلى بيئة بدوية، وكانوا أيضا رواة اللغويين المشاهير (١٦٩).
وينبغى الإشارة هنا أيضا إلى أننا نعرف شواهد عن نشاط عدد من هؤلاء الأعراب فى التأليف (انظر القسم الخاص بعلوم اللغة).
أما فى عصر اللغويين الكبار فى القرنين الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) والثالث الهجرى (التاسع الميلادى) فلا بد من رفض التصور الخطأ القائل بأن هؤلاء اللغويين قد دونوا المرويات الشفوية فى عصرهم لأول مرة (١٧٠). ويبدو من كل الملاحظات التى سبق أن ذكرناها أنه من الفضول أن نذكر مزيدا من الشواهد لإثبات وجود نصوص مدونة لدى اللغويين فى ذلك الوقت، وأنهم تمكنوا من تهذيبها. كانت السمة الأولى لعملهم فى مجال الشعر العربى القديم صنعة المواد التى رويت كاملة أو ناقصة فى دواوين أو صحف، ونقد هذه المادة وتقويمها، وتلقى المعلومات بشأنها من البدو، إذا اقتضى الأمر، وبهذا المعنى يمكن فهم المصطلحات المستخدمة فى الفهرست لابن النديم، وفى المصادر الأخرى مثل «صنع» و«جمع» و«روى» بأنها تدل على نشاط فى التأليف، وسنحاول فى الحديث عن الشعراء فى هذا المجلد أن نسجل بقدر الإمكان تاريخ رواية دواوينهم، حتى نصحح أيضا على هذا النحو التصور الخطأ القائل بأن الرواية كانت بطريقة المشافهة وحدها/ إن الهدف الأساسى من هذا العرض هو إيضاح أن الكتابة قد استخدمت فى تدوين الشعر فى زمن أقدم بكثير، وعلى نطاق أوسع مما يفترضه كثير من الباحثين المحدثين،
_________
(١٦٩) انظر- مثلا-: ما كتبه شارل بيلا. Ch.Pellat،Milieu ١٣٧ - ١٣٩
(١٧٠) أوضح بلاشير هذا التصور فى كتابه عن تاريخ الأدب العربى:
Blachere.Historie ١٠٠ ويقوم رأيه على كون محمد بن السائب الكلبى (المتوفى ١٤٦ هـ/ ٧٦٣ م). وحمّاد الراوية، وخلف الأحمر، والمفضل الضبى، كانوا يحفظون معارفهم ومروياتهم فى ذاكرتهم، ولم يكونوا يدونون معارفهم على أية حال. أما بالنسبة للكلبى فقد أحال بلاشير إلى ما ذكره بروكلمان فى كتابه فى «تاريخ الأدب العربى» ١/ ١٣٨، وفى دائرة المعارف الإسلامية». الطبعة الأوربية الأولى ٢/ ٧٣٠ (٧٣٧)، على الرغم من أن الكلبى قد ذكر بوضوح فى موضعين بوصفه مؤلفا. أما نشاط حمّاد فى التأليف، ونشاط خلف الأحمر، فموضعها المجلد الأول من تاريخ التراث العربى I: ٣٦٦،٤٦٠ وكذلك القسم الخاص بعلوم اللغة. أما المفضل الضبى (المتوفى نحو عام ١٧٠ هـ/ ٧٨٦ م) فقد ذكر له ابن النديم كتبا، وصل إلينا منها كتابان هما: المفضليات، وكتاب الأمثال.
1 / 45