Histoire de l'Islam - Édition Tadmuri
تاريخ الإسلام - ت تدمري
Enquêteur
عمر عبد السلام التدمري
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
Lieu d'édition
بيروت
Genres
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد إلى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْعَقَبَةِ الْكُبْرَى بِسَنَةٍ، وَقَدْ كَانَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ مَكَّةَ، فَآذَتْهُ قُرَيْشٌ، وَبَلَغَهُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَسْلَمُوا، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ رَحَّلَ لِي بَعِيرَهُ، ثُمَّ حَمَلَنِي وَابْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِي يَقُودُنِي. فَلَمَّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ قَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذِهِ نَفْسُكَ غَلَبْتَنَا عَلَيْهَا، هَذِهِ [١]، عَلَامَ نَتْرُكُكَ تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ! فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذُونِي مِنْهُ، وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إِذْ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابني سَلَمَةَ حَتَّى خَلَعُوا يَدَهُ، وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ، فَانْطَلَقَ زَوْجِي [٢] إِذْ فَرَّقُوا بَيْنَنَا، فَكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطَحِ، فَلَا أَزَالُ أَبْكِي حَتَّى أُمْسِي، سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا. حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي فَرَحِمَنِي، فَقَالَ: أَلَا تَخْرُجُونَ مِنْ هَذِهِ الْمِسْكِينَةِ، فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا؟ فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِكِ، قَالَتْ: وَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي. فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، وَخَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ، وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. قُلْتُ: أَتَبَلَّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى زَوْجِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيَّ، فقال: إلى أين يا بنت أَبِي أُمَيَّةَ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَوَ مَا مَعَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا اللَّهُ وَبُنَيَّ هَذَا، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ مِنْ مَتْرَكٍ. فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْبَعِيرِ، فانطلق معي يهوي بي، فو الله مَا صَحِبْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ، أَرَى أَنَّهُ أَكْرَمُ مِنْهُ، كَانَ أَبَدًا إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي حَتَّى إِذَا نَزَلْتُ اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي، فَحَطَّ عَنْهُ، ثُمَّ قَيَّدَهُ في
[١] في سيرة ابن هشام ٢/ ٢١١ (أرأيت صاحبتك هذه؟) .
[٢] في السيرة «أبو سلمة إلى المدينة، قال: ففرّق بيني وبين زوجي وبين ابني» .
1 / 312