Le Siège de Troie: D'après l'Iliade d'Homère
حصار طروادة: من الإلياذة لهوميروس
Genres
واحتشد الجيش الإغريقي، وشرع يزحف نحو أسوار طروادة. على حين كان الملك برياموس - ملك طروادة - يجلس هناك فوق قمة القلعة، قرب أحد الأبواب، يرقب ما يحدث، ويتجاذب أطراف الحديث مع بعض رفاقه وقرنائه من الشيوخ. ولاحت منه التفاتة فأبصر هيليني تسير نحو السور، فناداها في رفق ومودة. فلما اتجهت نحوه، ورآها رفاقه، تهامس بعضهم مع بعض: «حقا إنها لرائعة الجمال كالربات! وليس من العار أن يتقاتل الإغريق والطرواديون من أجلها. ولكن من الأفضل لها ولنا أن تعود إلى وطنها، فما كان للجمال - مهما كانت روعته - أن يكون سببا في إشعال نيران الحروب، التي نشقى بها نحن، ويشقى بها أطفالنا من بعدنا، وتجر على البلاد الخراب والدمار!»
وقال برياموس لهيليني: «أي طفلتي العزيزة! أنا لا ألومك على ما حدث، ولا أحملك وزر ما يحدث. إنها إرادة الآلهة، ولا بد لها أن تنفذ. لكن أخبريني يا طفلتي العزيزة: من ذلك الأمير القوي الواقف هناك؟ إنه يبدو جنديا شجاعا نبيلا.»
ونظرت هيليني حيث أشار برياموس، ثم أطرقت، وقالت: «حماي العزيز، كم أحس بالخجل الشديد وأنا ماثلة الآن بين يديك؛ فقد جلبت بقدومي مع ابنك باريس، عليكم وعلى قومي، هذه الحرب الطاحنة. ليتني مت قبل هذا، وكنت نسيا منسيا! إن ذلك الأمير الذي تشير إليه يا حماي العزيز هو أغاممنون شقيق مينيلاوس، الذي كان زوجا لي ذات يوم.» - «لا لوم عليك يا طفلتي العزيزة، فهذا من تدبير الآلهة، ولا حيلة لنا في دفعه، ولا بد أن يمضي إلى مداه. أخبريني، من ذلك الرجل الآخر الواقف هناك؟ أترين حيث أشير؟ إنه ليس فارع الطول كأغاممنون، ولكن منكبيه أعرض وأقوى، وهو يتأهب لارتداء حلته الحربية. إنه يسير بين القوم يحمسهم ويحفزهم إلى القتال فيما يبدو.» - «إنه أوديسيوس ملك إيثاكي، أرجح الإغريق عقلا، وأرزنهم حلما.»
وكانت هيليني تتحدث إلى الملك برياموس ومشاعر الندم والحسرة تجتاحها، والدموع تترقرق في مآقيها، حزنا على ما وقع منها من فعل سوف يجر خرابا ودمارا على القوم، يظلان مقترنين باسمها مدى الدهر!
وأنهى الإغريق استعدادهم، وزحفوا بهدوء نحو أسوار طروادة. وخرج الطرواديون من أسوارهم يصيحون صيحات مدوية، يقودهم باريس في حلته الحربية، معلقا قوسه على منكبه، عارضا رمحه، مدليا سيفه إلى جانبه، وكأنما يظن الأمر نزهة صيد ممتعة.
وبلغ الطرواديون السهل المكشوف، والتحم الجيشان، ودارت المعركة، وحمي وطيسها. وفي أثنائها وقع بصر مينيلاوس على غريمه باريس، فظن أن الفرصة قد واتته، وأن ساعة انتقامه لشرفه وكبريائه قد حانت؛ فها هو ذا غريمه أمام عينيه، وعليه أن يظفر به، كي يشفي بقتله غليله، ويذهب غيظ قلبه. ولذلك قفز مسرعا من عربته، وهجم على باريس يود أن يفتك به، ويمزقه بيديه، ويترك جسده أشلاء للطيور. ولكن باريس ما إن وقعت عيناه على مينيلاوس، ورأى الشرر الذي تقدحه عيناه، حتى دب الرعب في صدره، وطارت نفسه شعاعا، فأسرع يتوارى خلف الرجال.
ونظر هكتور إلى أخيه نظرة غاضبة مستنكرة، وقال له: «أيها التعيس، ما هذا التخاذل الذي يبدو عليك؟ وما هذا العار الذي تجلل به هامتك، وتسحبه علينا معك؟ أإلى هذا الحد خار عزمك؟ ماذا سيقول عنك الإغريق؟ كيف ارتضيت لنفسك وأنت هذا الجبان الرعديد أن تستدرج معك رجالا شجعانا من قومنا، وتصحبهم عبر البحر؛ لتغري زوجة رجل آخر، وتختطفها من بين قومها، وتجلب على أبيك ومدينتك وقومك ما لا قبل لهم به من الهم، وها أنت ذا الآن تضع نفسك موضع السخرية.»
وذاب باريس خجلا أمام لوم أخيه، وأجاب: «أي هكتور، إنك لعلى صواب في كل ما قلته، وأنت تعلم أنني لا أستطيع الاحتفاظ بشجاعتي، مثلك، ويكاد الرعب يشل حركتي في كثير من الأحيان. إذا أردتني أن أقاتل ببسالة فلتطلب إلى الإغريق والطرواديين أن ينحازوا عن القتال، ويخلوا بيني وبين مينيلاوس نتقاتل رجلا لرجل، وأينا يحرز النصر على الآخر تكون هيليني من نصيبه. وبذلك نكفي الجنود شر القتال، ونصون دماءهم، ويعيشون في أوطانهم في دعة وسلام وأمان.»
أعجب هكتور بمقالة باريس، وملأت قلبه غبطة وسرورا، وفي الحال طلب من الفريقين هدنة. وفي المسافة التي تفصل بين الفريقين وضع الملك برياموس والملك أغاممنون شروط القتال.
وأحضر برياموس كبشين قربانا للآلهة، في حين شهر أغاممنون سيفه، وصاح قائلا: «إن يقتل باريس مينيلاوس فله الحق في أن يحتفظ بهيليني، وعلى الإغريق أن يعودوا من حيث أتوا. أما إذا قتل مينيلاوس باريس فستكون هيليني من نصيبه، وعلى الطرواديين أن يردوها إليه ومعها الكنوز، وفاء بما قطعوه على أنفسهم من عهد، وما ارتبطوا به من وعد. فإذا ما رفضوا الوفاء، وحنثوا في العهد فأقسم بجميع الآلهة أننا لن نعود أدراجنا حتى نبيد طروادة وسكانها أجمعين.»
Page inconnue