Le Cheval Vert Meurt sur les Rues d'Asphalte
الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت
Genres
أيتها المحاورات الغادرة في يدي، يا براهين الخلود الكئيبة، يا براهين الخلود المستحيلة، أنت أيتها الكتب الذليلة جميعا، ماذا بوسعك أن تفعليه أمام هذا البؤس كله، كل هذا البؤس الذي يصدم عيني، ويزكم أنفي، ويخجل جسدي، ويذل روحي؟
ها أنا ذا أقترب من بيت الأعور، إنه في نهاية هذه الحارة، أول بيت على يمين كما أشار لي الحمال العجوز الذي سألته الآن، أيكون من حظي أن أجدك يا طفلي المسكين حيا لا تزال، أم مسجى على الفراش القذر أو على الأرض الباردة؟ وماذا لو وجدت النفس يتردد في صدرك وعينيك تطلان علي؟ ماذا أفعل؟ سأتقدم منك يا طفلي الحزين، سأتولى عنك الصراع مع الملاك، سأقول لك انهض، انهض يا لعازر الصغير، لست أنا السيد ولا أستحق أن ألثم أظفار قدميه؛ لكنني سأقول لك: أنت حبيبي الذي نام وأنا جئت لأوقظك، سأطرد أباك المتسكع وأمك الوقحة، سأسوق عربتك المجنحة إلى بلد أخرى يضيئها الحب والنور والحياة، سأخر راكعا عند نعشك، وأغسل قدميك بدموعي وأقول لك: انهض وهلم خارجا من هذا البيت! انهض يا أمل بلدك يا فارس أهلك! انهض انهض هلم خارجا من هذا العالم القذر، هذه البلدة القذرة، هذه الحارة القذرة، هذا الجحر القذر الملعون، ها هو ذا بيتك يقترب؛ فهل يا ترى ستسمع صوتي الباكي؟ هل ستنهض من نعشك الصغير، أو أن أباك لم يشتر نعشك، أو لم يجد المال الذي يكفي ليشتريه؟
لم أجد ضرورة لطرق الباب؛ فقد كان مفتوحا، يطل على ممر طويل يكفي الضوء القليل الذي يتسرب إليه من الشارع ليكشف عن قبحه ويبين للعين المدققة عن بعض الأجساد الممددة فيه. تصنت قليلا قبل أن أصفق بيدي؛ فلم يكن هناك أثر للصوات، ولا حتى لبكاء صامت، أو دمدمة بآيات من القرآن! وقبل أن أصفق بيدي أو أنادي سمعت خلف ظهري صوتا عاليا يقول: ضيوف يا أولاد، كلم سعادة البيه يا ابراهيم. كان هو الحمال العجوز يلهث من الجري، وقد سبق خطواتي الحريصة المترقبة، وجاء يعلن الخبر لسكان البيت.
وما هي إلا لحظة حتى رأيتني وجها لوجه أمام إبراهيم، كانت قصبة الجوزة في فمه، والدخان الأسود يخرج من أنفه، ويحجب عني وجهه اللعين! - سعادة البيه؟ خطوة عزيزة والله.
قلت باشمئزاز: جئت أقول البقية في حياتك.
ناول الجوزة يدا لم أتبينها في ظلام الجحر الملعون، وأقبل علي يبتسم ابتسامته التي تشبه حشرجة ميت: تفضل يا بيه، تفضل، هاتي الحصيرة يا فاطمة.
قلت محاولا أن أحافظ على اتزاني وأن أشكره في الوقت نفسه: جئت أعزيكم. هل كفت الفلوس؟
رفع يديه إلى السماء في حركة أثارت سخطي، ومد ذراعه يبحث عن يدى ليقبلها، فسحبتها متضايقا وأنا أقول: أين النعش؟
قال متعجبا (وظهرت امرأة طويلة نحيلة وراء ظهره لاحظت شعرها الأشعث الذي تحاول أن تغطيه بشال قذر): نعش؟ الله يعمر بيتك يا بيه، تفضل نعمل شاي.
زاد غصبي لبروده ووقاحته، وحدثتني نفسي أن أصفعه على وجهه: أنا جئت للمأتم لا لشرب الشاي!
Page inconnue