L'Inde après Gandhi : l'histoire de la plus grande démocratie du monde
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Genres
لكن سرعان ما اتضح أنهما صارا ينتميان إلى معسكرين مختلفين؛ ففي منتصف يوليو 1947، كتب ماونتباتن إلى بوبال - مثلما كتب إلى سائر الأمراء - ناصحا بالانضمام إلى الهند، فرد عليه النواب برسالة طويلة - أقر بأنها ذات لهجة «عاطفية» - بدأها بالإعراب عن «صداقة وفية لم ينفصم عراها» مع التاج الانجليزي، وهي صلة تعمد حكومة جلالة الملك إلى كسرها من طرف واحد. ولمن سلمت بريطانيا بوبال وزميلاتها؟ إلى حزب غاندي ونهرو المكروه. وسأل نواب بوبال غاضبا: «هل ينبغي لنا أن نستسلم لقادة حزب المؤتمر دون قيد أو شرط وندعهم يملون شروطهم؟»
وانتقلت الرسالة من الاتهام بالخيانة إلى التحذير، فقال النواب إنه في الهند، كان حائط الصد الأساسي أمام «المد الشيوعي المتصاعد» هو أصحاب الأملاك. وقد صرح حزب المؤتمر بالفعل بنيته القضاء عليهم. وإلى يسار ذلك الحزب، وقف الحزب الشيوعي الهندي الذي يتحكم في اتحادات عمال النقل؛ فيمكن للشيوعيين إن أرادوا أن يصيبوا شبه القارة بالشلل والمجاعة. وقال نواب بوبال لصديقه: «أصدقك القول، إنه ما لم تقدم أنت وحكومة جلالة الملك الدعم للولايات وتحول دون زوالها من على خارطة الهند، فسرعان ما ستجدون أنفسكم أمام دولة هندية واقعة تحت السيطرة الشيوعية ... فإذا وجدت الأمم المتحدة نفسها ذات يوم أمام 450 مليون شخص إضافي تحت القبضة الشيوعية، فسيكون لديها مبرر كاف لإلقاء اللوم على بريطانيا العظمى لوقوع تلك الكارثة، وطبعا أنا لا أود أن يقترن اسمك بذلك.»
وقد ألمح إلى أنه - مثل ترافنكور - سوف يعلن استقلال بوبال، وأنه لن يحضر على أي حال اجتماع مجلس الأمراء المقرر عقده يوم 25 يوليو. ويوم 31 كتب ماونتباتن مجددا إلى النواب يدعوه مرة أخرى إلى توقيع صك الانضمام، وذكره بما قاله في الخطبة التي ألقاها؛ إنه ما من حاكم سيتمكن من «الهرب» من الدومنيون الأقرب إليه. وقلب الجدل حول الشيوعية رأسا على عقب بحنكة؛ فقال إنه يقر بوجود خطر المد الشيوعي، ولكن الأفضل أن يتحد حزب المؤتمر والأمراء في التصدي له، فالرجال مثل باتيل «يخشون الشيوعية بقدر ما تخشاها، وإن نالوا تأييد مصادر التأثير المتزنة جميعها مثل طبقة الأمراء، فقد يتمكنون من درء الخطر الشيوعي».
36
وحينئذ كان نواب بوبال قد بلغته أخبار اجتماع 25 يوليو؛ فسمع بالانطباع الرائع الذي خلفه صديقه القديم، وبموجة الانضمامات المتنامية من زملائه الأمراء، فاستسلم واكتفى بطلب رشوة صغيرة لكبريائه، وسأل عما إذا كان بإمكان نائب الملك أن يضغط على باتيل لكي يطيل المهلة الزمنية المتاحة التي تبلغ عشرة أيام، بحيث يعلن انضمام بوبال «بعد» 15 أغسطس لا قبلها. قال نواب بوبال إن ذلك «من شأنه أن يسمح لي بأن أوقع على حكم إعدامنا بضمير مرتاح». (الواقع أن باتيل قال إنه لا يمكنه أن يسمح بأي استثناءات، فقال ماونتباتن إنه إذا وقعت بوبال صك الانضمام يوم 14 أغسطس، فسيحتفظ به ثم يسلمه إلى باتيل بعد يوم 25 أغسطس.)
37
والحالة الأغرب كانت حالة ولاية جودبور؛ وهي ولاية قديمة كبيرة ذات ملك هندوسي وأغلبية سكانية هندوسية أيضا؛ ففي حفل غداء أقامه ماونتباتن في منتصف يوليو، كان مهراجا جودبور الشاب قد انضم إلى غيره من أمراء راجبوت الذين أشاروا إلى استعدادهم للانضمام إلى الهند، ولكن سرعان ما غرس أحدهم - لم يتضح من - في رأسه فكرة أنه بما أن الولاية تقع على حدود باكستان، فقد يحصل على شروط أفضل منها؛ فأعد اجتماعا بينه وبين جناح، ربما بإيعاز من نواب بوبال. وفي ذلك الاجتماع، عرض زعيم العصبة الإسلامية منح جودبور مرافق الموانئ كاملة في كراتشي، واستيراد الأسلحة دون قيود، وإمداد ربوعها التي ضربتها المجاعة بالحبوب من السند. وثمة رواية تذهب إلى أن جناح ناول المهراجا ورقة بيضاء وقلم حبر وقال له: «فلتمل شروطك كاملة.»
لو كانت جودبور قد تحولت إلى صف باكستان، لكان ذلك فتح الباب أمام احتمال أن تحذو الولايات المتاخمة لها - مثل جايبور وأودايبور - حذوها، إلا أن تلك الخطة نمت إلى علم كيه إم بانيكار، وطلب إلى فالابهاي باتيل التدخل؛ فاتصل باتيل بحاكم جودبور ووعده بحرية استيراد السلاح أيضا، فضلا عن إمداده بمخزون لائق من الحبوب. وفي الوقت ذاته، أخبر نبلاء جودبور وشيوخ قراها المهراجا أنه لا يمكن أن يتوقع أن يرتاحوا للتواجد في دولة مسلمة، وسأله حاكم ولاية ملاصقة أيضا - جايسالمر - عما سيحدث إن انضم إلى باكستان ثم ثار الشغب بين الهندوس والمسلمين، فإلى أي صف سينحاز حينها؟
وبذلك رضخ مهراجا جودبور بدوره، ولكن ليس قبل تمثيلية تحد قام بها في اللحظة الأخيرة ، فعندما قدم إليه صك الانضمام في غرفة الانتظار بمكتب نائب الملك، أخرج المهراجا مسدسا وصوبه إلى رأس السكرتير قائلا: «لن أقبل إملاءاتك.» ولكنه هدأ بعد دقائق قليلة ووقع على الصك.
38
Page inconnue