L'Inde après Gandhi : l'histoire de la plus grande démocratie du monde
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Genres
38
دعا نهرو وباتيل، على حد سواء، إلى الوحدة والتسامح، ولكن الرجلين في واقع الأمر كانا قد دخلا في خلاف مرير في الآونة الأخيرة؛ ففي الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر كان نهرو قد خطط لزيارة بلدة أجمير التي ثار فيها الشغب، وفي اللحظة الأخيرة ألغى رحلته وأرسل سكرتيره الخاص عوضا عنه، فشعر باتيل بإهانة بالغة؛ إذ قد شعر أنه بما أن وزارة الداخلية أرسلت فريق تحقيق خاص إلى أجمير، فقد دلت رحلة مرءوس رئيس الوزراء على عدم ثقته في وزارة الداخلية. أوضح نهرو أنه اضطر إلى إلغاء زيارته نظرا لحدوث حالة وفاة في العائلة؛ ولذا أرسل سكرتيره حتى لا يخيب أمل من توقعوا مجيئه بالأساس، ولكنه على أي حال، كان يحق له بصفته رئيس الحكومة أن يذهب أينما شاء وقتما شاء، أو أن يرسل أحدا آخر ينوب عنه، فرد باتيل قائلا إنه في النظام البرلماني لا يعدو رئيس الوزراء أن يكون الأول بين أنداد؛ فهو ليس أعلى من زملائه الوزراء ولا يسيطر عليهم.
ازداد الجدل احتداما يوما بعد يوم، وفي إحدى اللحظات عرض الرجلان أن يقدما استقالتهما، ثم اتفق على أن يعرضا وجهتي نظرهما أمام غاندي. قبل أن يتسنى تحديد موعد مناسب بدأ المهاتما صيامه الأخير. وفي الأسبوع التالي كان باتيل مسافرا خارج دلهي، ولكن المسألة كانت ملحة على فكره، كما كانت ملحة على فكر نهرو. وبالفعل، التقى غاندي باتيل يوم 30 يناير قبيل مجلس الصلاة المصيري ذاك، وطلب أن يسويا خلافاتهما هو ونهرو، وقال أيضا إنه يود الاجتماع بهما في اليوم التالي.
بعد مرور ثلاثة أيام على اغتيال غاندي، كتب نهرو رسالة إلى باتيل جاء فيها أنه «بوفاة بابو تغير كل شيء، وعلينا أن نواجه عالما مختلفا أكثر صعوبة. لم تعد للخلافات القديمة أهمية، ويبدو لي أن الحاجة الملحة في الوقت الحالي تتمثل في عملنا معا بأكبر قدر ممكن من القرب والتعاون». فرد باتيل قائلا: «أبادلك من كل قلبي المشاعر التي أعربت عنها بإخلاص ... فقد أحزنتني الأحداث الأخيرة بالغ الحزن، وقد كتبت إلى بابو ... مناشدا إياه إعفائي من مهامي، ولكن وفاته غيرت كل شيء، ولا بد أن توقظنا الأزمة التي ألمت بنا على إدراك جديد لمقدار ما أنجزناه معا، والحاجة إلى بذلنا مزيدا من الجهود المتضافرة لصالح بلدنا المفجوع.»
39
لم يفلح غاندي في التوفيق بين الهندوس والمسلمين في حياته، ولكنه وفق - بسبب مماته - بين جواهر لال نهرو وفالابهاي باتيل. كان ذلك صلحا ذا أهمية كبيرة بالنسبة إلى الدولة الجديدة الفائقة الهشاشة.
الفصل الثاني
التقسيم
كان مقدرا للهند على مر التاريخ أن تفد إليها أعراق وثقافات بشرية متعددة، لتجد وطنا في تربتها المضيافة، وأن تقصدها قوافل كثيرة للراحة ... وقد أثرت أحداث ألف ومائة عام من التاريخ المشترك [بين الإسلام والهندوسية] الهند بإنجازاتنا المشتركة؛ فاللغة والشعر والأدب والثقافة والفن والملبس وآدابنا وأعرافنا، وأحداث الحياة اليومية التي لا تعد ولا تحصى، كل شيء يحمل بصمة مساعينا المشتركة ... تلك الأعوام الألف الماضية من حياتنا المشتركة صهرتنا في جنسية واحدة ... وشئنا أم أبينا، لقد صرنا الآن دولة هندية متحدة وغير قابلة للانقسام؛ فلا يمكن لخيال أو تخطيط يرمي إلى الفصل والتقسيم أن يفصم عرى تلك الوحدة.
مولانا أبو الكلام آزاد، خطاب رئيس حزب المؤتمر، عام 1940
Page inconnue