L'Inde après Gandhi : l'histoire de la plus grande démocratie du monde
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Genres
أما أن يمتد أثر ذلك الولاء ليشمل الهند كافة، وأن يشعر رجال البنجاب والبنغال والمقاطعات الشمالية الغربية ومدراس يوما أنهم ينتمون إلى دولة هندية واحدة، فأمر مستحيل؛ فقد يحدو بك المنطق والاحتمالية ذاتهما أن تتطلع إلى وقت تتوحد فيه دول أوروبا المتعددة في دولة واحدة.
3
كان ستراتشي يعتمد في تعليقاته على الحكم من واقع التاريخ؛ ففي ذلك الوقت كان ثمة دول جديدة تعلن عن نفسها بقوة داخل أوروبا على أساس اللغة المشتركة أو الأراضي المشتركة، في حين لم تبدر عن أي من الأقطار التي عرفها في الهند صحوة وطنية مشابهة. لكن يمكننا كذلك تأويل تعليقاته على أنها نصيحة سياسية تهدف إلى تقوية عزيمة من سيئول به الأمر ضمن الحضور إلى الخدمة في الهند؛ إذ كل «دولة» جديدة تنشأ في الهند تعني انتقاصا من قوة الإمبراطورية البريطانية ومكانتها.
ومن المفارقات أنه أثناء حديث ستراتشي كان ثمة مجموعة من الهنود تشكك في الحكم الذي أطلقه. كانت تلك المجموعة هي التي أسست المؤتمر الوطني الهندي؛ الهيئة التمثيلية التي طالبت بمنح سكان البلد دورا أكبر في إدارة شئونهم. وكما يتبين من اسمها، استهدفت تلك الهيئة توحيد الهنود من شتى الثقافات والأقاليم والأديان واللغات؛ ومن ثم إقامة ما ظنه المستعمرون أمرا مستحيلا؛ وهو دولة هندية واحدة.
صدر العديد والعديد من الكتب الجيدة في موضوع تطور المؤتمر الوطني الهندي، وتحوله من ناد للنقاش إلى حركة جماهيرية ثم حزب سياسي، والدور الذي اضطلع به زعماء مثل جوخال وتيلاك و(في المقام الأول) غاندي في تلك المسيرة التقدمية. وتوجه الانتباه إلى مد جسور التواصل بين الجماعات اللغوية والتجمعات الدينية والطوائف الاجتماعية المختلفة. لم تكلل تلك المحاولات بنجاح كامل؛ إذ لم تقتنع الطوائف الاجتماعية الدنيا، ولا سيما المسلمون، اقتناعا كاملا قط بزعم المؤتمر الوطني أنه حزب «وطني» بحق؛ لذا عندما أتى الاستقلال السياسي أخيرا عام 1947 لم يأت لدولة واحدة، وإنما لدولتين: الهند وباكستان.
ليس هذا مجال استرجاع تاريخ الحركة القومية الهندية؛
4
إذ ليس علي سوى التذكير بأنه منذ تأسيس المؤتمر الوطني حتى تحرير الهند - وتقسيمها - كان ثمة متشككون يرون أن الحركة القومية الهندية لم تكن ظاهرة طبيعية على الإطلاق. قطعا كان ثمة ساسة ومفكرون بريطانيون يرحبون بمنح الهند الحكم الذاتي، وساهموا على طريقتهم الخاصة في تحقيق ذلك (كان أحد المحركين الرئيسيين للمؤتمر الوطني الهندي مسئولا استعماريا من أصل اسكتلندي هو: ألان أوكتافيان هيوم)، إلا أنه كان ثمة آخرون كثر يرون أنه لم يكن ثمة روح قومية في الهند - خلافا لفرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا - ولم يكن ثمة رباط يؤلف بين الناس ويدفعهم إلى الأمام بعزم. ونبع من تلك الرؤية الادعاء القائل بأن الاستعمار البريطاني كان هو الشيء الوحيد الذي وحد الهند والهنود.
وكان من مؤيدي رأي جون ستراتشي - القائل بأنه لا يمكن أبدا أن تقوم دولة هندية مستقلة - كتاب مشهورون ومغمورون على حد سواء. كان من أبرز المنتمين إلى الفئة الأولى رديارد كيبلينج، الذي قضى السنوات التكوينية من حياته في شبه القارة الهندية، وكتب عنها بعض أروع قصصه. في نوفمبر 1891، زار كيبلينج أستراليا، وهناك سأله أحد الصحفيين عن «إمكانية تحقق الحكم الذاتي في الهند»، فرد قائلا: «أبدا! شعبها عمره 4 آلاف سنة؛ أي إنه شعب عجوز إلى حد يحول دون تعلمه مثل تلك الأمور. ما يريدونه هو القانون والنظام، ونحن هناك لنمنحهم إياهما، ونؤدي مهمتنا على أكمل وجه.»
5
Page inconnue