التَّكُولُ: الذي يتكل على صاحبه في الجري، والأنُوحُ: الكثير الزَّحير، وهو خروج النفس بأنين.
فصل
أما الحِرَانُ المستحكم فهو أن تقف الدابَّة وتتوتَّدَ فلا تَبْرَح، فإذا ضُرِبتْ ضَرَبت برجليها، وذلك غاية الحِران الذي لا حيلة فيه ولا يصلح أبدًا. وأما الحران غير المستحكم فمن رُكوب غير الفارس له، ومن كثرة النزول عنه في الإصْطبْلات وبين الدواب في الواكب على الأبواب وما أشبه ذلك.
وأما العضاضُ فمن كثرة ضرب السائس له، والعبث بالدابة في المراغة، ومنه ما يكون كَلَبا من دم ومِرة هائجة.
وأما الرَّوغان فمن ركوب غير الفارس وتَرك الدابة تسلك في جريها حيث أرادت، والإلحاح عليها بالضرب من جانب، بغير تقويم رأسها بالعنان.
وأما منع الإسراج والركاب والشَّماس فيحدث من الدمامل تخرج في مَنْسِج الدابة، والعُقُور في موضع المنْقَب أو في السُّرَّة أو في الظهر، فيسرج عليها قبل استحكام برئها ويركب على غير علاج، فيمنع ويشمس لوجعها، ثم يبرأ فتصير له عادة.
وأما الضرب بالرجلين فسوء خلق من الفرس وروشنة، ويفعله عند التحصن. وكذلك اللطم باليد. وربما أوجعه الذُّبَّانُ فلطم بيده، ومن ذلك يمنع جَحْفَلته، وربما منع اللجمام منه.
وأما منع الإنْعَال فصعوبة تبقى في الفرس وروشنة، وربما وقع به مشقة فأوجعه فمنع لذلك بعد البرء.
وأما النَّفار فضعف قلب ودَهَشٌ وصعوبة تبقى فيه، ووحشة من قلة مَمَرَهَّ في الأسواق والمدن وغير ذلك.
وأما العِثار فمن ضعف القوائم، والتواني، وسقوط النفس. وأما ما كان من حُفرة أو حَجَر يضع يده عليه أو زَلَقٍ وما أشبهه، فذلك خطأ لا عيب فيه.
فصل
زعم) حَنَّة (الهندي أنه لا ينبغي لأحد أن يرتبط من الدواب ما كان منها في مُقدمَّ يديه دَارَة. وما كان أسفل من عينيه دارة، أو في أصل أذنيه من الجانبين دارتان، أو على مَأبضه دارة، أو على مَحْجِره دارة، أو في خده أو جَحْفلته السفُّلَي أو على ملتقى لحييه دارة، أو في بطنه شعر منتشر، أو على سُرتَّه دارة، أو كانت أسنانه طالعة على جحْفَلته، أو له سنَّان نابتان بمنزلة أنياب الخنزير، أو في لسانه خطوط سُود. وما كان منها أدبس أو أبيض أو أصفر أو أشهب تعلوه حمرة، وداخل جحافله ولَهَواته وخارج لَحْييه أَسود. وما كان منها أَدْهمَ وداخل جحافله أبيض، أو في لَهَواته وداخل شِدقه نُقَطٌ سُود، وجَحْفلته خارجها منقط كحب السمسم، أو على مَنْسجه دارتان، أو على خُصْيَيْه وَبَرٌ أسود مخالف للونه، أو كان في جبهته شَعَرات مخالفة للونه، أو ما كان منها حين ينتج تُرَى خُصْياه ظاهرتين.
وفي رواية أبي عبد الله الطرطوشي: إن من جملة ما يُتَشَاءم به: إذا وُلد الفرس وله أسنان، وكذلك الأزرق فَرْد عين، والرمادي اللون، والأقرح الذي ليس فيه بياض غير القُرْحَة، وقد تقدم ذكر ذلك. والذي في ذَنَبه خُصْلة بيضاء، والأرْجَل وهو الذي لا يكون فيه بياض سوى قطعة في رجله غير دائرة حوالي الإكليل، والذي يُكْثر البحث بيده من غير أن يرى في ليلة شيئًا يخافه على نفسه أو على صاحبه. فهذه العلامات كلها مما تكره وتُجتْنَبُ.
الباب التاسع
اختيار الخيل
واختبارها والفراسة فيها
من أراد أن يكون حَسَن الاختيار، صادق الاختبار، فلينظر إلى الفَرسِ في جميع حالاته، وعلى كل هيئاته، وذلك في سكونه وحركته، وقيامه ورُبوضه، ومَشْيه وعنَقَه، وخَبَبه وتقريبه، وعَدْوه وإحضاره. فإن اتفقت في الحسن صفاته، وتناسبت في الاعتدال حركاته وسكناته، فبالحَرَى أن يكون جوادا. وقَلما تصدق الفراسة في حال دون حال. فربما رأى غيرُ العارف الفرس الهجين عند خروجه من الماء، وقد لان شعرُ جلده، وعلت أَقْرابه، وعظمت فصوصه، وسهل وجهه، وانتصبت أذناه، وحسُن منه منظرًا ولم يحسن طبعًا ومَخْبَرًا، فتضعف الفراسة فيه لذلك.
وكذلك المستنُّ لا تصدق فيه الفراسة، فإنه يكون متشّوِفًا حادَّ النظر، فيعلو منه ما كان مطمئنًا، ويشيل عسيبه، ويبدي عِجاَنَه، ويسمو بطَرْفه، وتنتصب أذناه، وذلك يكون منه تطبعًا. وكذلك يحسن من المُهْر ما كان حسنًا، وربما لم يَجْر جَذَعًا، وجرى ثَنِيًاّ أو رباعيا أو قارحًا حين تجتمع قوته، ويستحكم خلقه، أو ربما تغير بالكوب قبل احتماله لضعفه.
1 / 25