إني على ما يذهلني من هذه المباغتة، وعلى قلة كفايتي في هذه الشؤون، أطيع أمر مولاي بلا ملق، وأطرح جانبا تلك التجلة التي تحول دون مكافحتي لرأي يظهر أنك تنزع إليه، فأقول قولا صادرا عن نفس تغار على مجدك أنك ستدنس صفحتك بلطخة شديدة الحلك
1
إذا تركت فؤادك عرضة لأمثال هذه الوساوس، ومضيت فيها إلى استنكار جميع أعمالك.
لا ينبغى للمرء أن يصدف عن عظمة شرعية، وله أن يستبقي من غير ندم، ما أحرزه بغير جرم. وكلما كانت القنية التي يرام النزول عنها نبيلة عظيمة، كان التخلي عنها مثارا للشبهات في طريقة احرازها. فلا تصم، يا مولاي، فضائلك النادرة التي رفعتك إلى الأريكة بمثل هذه المبادرة الشائنة.
نلت الملك بحق، ولم تغير في سبيله نظام الدولة بالقسر والعدوان. صارت روما إلى حكمك بالحرب، والحرب هي التي أدانت العالم لروما. جيوشك افتتحتها، وليس كل الفاتحين بطغاة وإن كانوا غاضبين. فمن أخضع منهم الولايات لسلطانه وحكم بالعدل، كان عليها الأمير العدل. ذلك ما فعله قيصر. فإما وأنت اليوم بين تقبيح ذكراه أو احتذاء مثاله، فإن أنت أنحيت على السلطان الأعلى باللائمة فقد حكمت ببغي قيصر، وبررت مقتله فبقي عليك ارتقاب الآلهة، في الدم الذي سفكته للانتقام له والحلول محله.
لا تخش يا مولاي عثرات جده، فأيامك أولى بكلاءة
2
ربك.
لقد ائتمروا بك عشر مرات، فباؤوا بالفشل، وطالما كادوا لك كيدا فلم يزيدوك إلا منعة، يضمر أناس لك الشر حينا بعد حين، ولكن لا ينفذه أحد. أمامك قتلة ولكن ليس فيهم مثل بروتس.
3
Page inconnue