Hikmat Gharb
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genres
وصف نفسه صراحة بأنه تلميذه، كذلك كان لإيطاليا شاعرها الرومانتيكي العظيم، وهو ليوباردي
Leopardi
الذي تعكس أعماله حالة القمع اليائسة التي كانت تعاني منها إيطاليا في مطلع القرن التاسع عشر.
إن الأثر البارز الذي خلفه عصر التنوير في القرن الثامن عشر هو «الموسوعة» العظيمة التي أعدتها مجموعة من الكتاب والعلماء في فرنسا. فقد أدار هؤلاء الرجال ظهورهم، بوعي تام، لتعاليم رجال الدين والفلاسفة الميتافيزيقيين، ورأوا في العلم القوة الدافعة الجديدة في الميدان العقلي. وهكذا جمعوا في عمل ضخم كل المعرفة العلمية المتاحة في عصرهم، لا بوصفها سجلا مرتبا ترتيبا أبجديا فحسب، بل من حيث هي وصف للطريقة العلمية في التعامل مع العالم. وكانوا يأملون أن ينتجوا بهذا العمل أداة فعالة في الصراع ضد جهالة السلطة القائمة. وقد أسهم في هذه المهمة معظم الشخصيات الأدبية والعلمية في القرن الثامن عشر. ومن هؤلاء اثنان يستحقان تنويها خاصا. أولهما دالمبير
D’Alembert (1717-1783م) الذي ربما جاء أكبر قدر من شهرته نتيجة لكونه عالما رياضيا، وهناك مبدأ أساسي في الميكانيكا النظرية يطلق عليه اسمه. ولكنه كان في الواقع ذا اهتمامات فلسفية وأدبية واسعة. ومن بين إسهاماته كتابته لمقدمة الموسوعة. أما الرجل الذي كان يحمل على أكتافه العبء الأكبر في القيام بمسئوليات تحريرها فهو ديدرو
Diderot (1713-1784م)، الذي كتب في موضوعات متعددة، وكان يرفض كل الأشكال التقليدية للعقيدة.
على أن الموسوعة لم تكن عملا معاديا للدين بالمعنى الأوسع. فقد كان رأي ديدرو قريب الشبه بمذهب شمول الألوهية
عند اسبينوزا. كما أن فولتير (1694-1778م)، الذي أسهم بدور كبير في ذلك العمل الضخم، قال إنه لو لم يكن يوجد إله لوجب علينا أن نبتدعه. وبطبيعة الحال فقد كان يعارض بشدة مسيحية المؤسسة الدينية الرسمية، ولكنه كان يؤمن بوجود قوة خارقة للطبيعة، يحقق الناس غاياتها لو أنهم عاشوا حياة خيرة. وتلك في الواقع صورة من صور مذهب بيلاجيوس
3
خالية من كافة الارتباطات التقليدية. وفي الوقت ذاته يسخر من رأي ليبنتس القائل إن عالمنا أحسن عالم ممكن، إذ اعترف بالشر بوصفه شيئا إيجابيا ينبغي محاربته. ومن هنا كان صراعه المرير والشرس ضد الأشكال التقليدية للعقيدة.
Page inconnue