289

============================================================

مصلحك ومصلح على يدك فالزهد . واعلم (1) أن الزهد يتم [193] باليقين، واليقين يحصل بالفكر . فاذا فكرت فى الدنيا لم تجدها أهلا لأن تكرمها بهوان الآخرة ، لأن الدنيا دار بلاء ومنزل قلعة (2) . وقد قال أو ميرس(3) الشاعر : " كل ضد مخالف ضده، ولا خير فى شىء يزول ويذهب. انهم أخلاقك السيئة، فاتها إذا اتصلت بها حاجاتها من الدنيا كانت كالحطب للنار، وكالماء للسمك ، وإذا عزلها عنها (4) وحلت بيتها وبين ما تهوى انطفأت كانطفاء النار عند فقدان الحطب ، وهلكت(5) كهلاك السمك عند فقدان الماء : اذا أردت الفى قاطلبه بالقتاعة ، فان من لم تكن له قناعة فليس المسال مغنيه(6) وإن كثر؛ وقد قال أوميرس () الشاعر : "لا مال عند من ترك القناعة ، ولا خير فى المرء لم إذا لم يكن قنوعا (4) . واعلم أن من علامة تنقل الدنيا وكدر عيشها أنه لا يصلح منها جانب إلا بفساد آخر، فلاسبيل بصاحبها إلى عز إلا بتذلل ، ولا إلى استغناء إلا بافتقار . واعلم أن الدنيا ربما أصيبت بغير حزم فى الرأى ولا فضل فى الدين ؛ فان أصيت حاجتك منها وأنت مخطى،، أدبرت(9) عنك وأنت مصيب، فلايستخفنك ذلك إلى معاود تها ومجانبة الصواب.

لا تضين على الناس بما ترغب فيه ، ولا تأت إلبهم بما تكره أن يوتى إليك .

قاتل هواك، وأقصر رغبتك، واكفف شهوتك، واحلل الحقد من قلبك ، وطهر من الحسد تفسك ، واقبض إليك أملك ، فان الأمل إذا بسطته أقسى قلبك وشغلك عن معادك ، وليكن (10) مما تستعين به على إطفاء الغضب علمك بأن الزلل لا يخلو منه [93ب] أحد، وبه وقع صاحبك، ولعل عدوا لك حمله على ذلك . فان أطعت هواك فى أخيك الذى أتى على يديه الذنب إليك فقد أشمت (1) واعلم أن الزهد : ساقطة من ف : (2) القلعة (بضم القاف وسكون اللام) : من المال : ما لا يدوم، وفبى حديث على بن ابى طالب : أحذركم الدنيا فانها منزل قلعة : اى تحول وارتحال 4)ف: عنك (3) ط : أميرس ر) ف: معيته (5)س، ف : فهلكت (2) ط : اميروس الشاعر: ناقصة فى ط (9) ص: وادبرت (4) ط: قنعا (1) ص: ما: 9

Page 289