فقال الأب بضراعة: هذه هي مشكلتك يا بني. - بل هي مشكلتك أنت يا أبي. - إني أتردى في حضرة الموت.
فتساءل الابن بجفاء: ولم لم تفكر في التكفير من قبل؟!
وأغمض الحاج عينيه كأنما تلقى لطمة، وغمغم: اللهم مد في عمري حتى أهيئ نفسي للقياك.
ولكنه مات قبل ذلك، بل إن رواة القصة يتهمون ابنه بالعبث بدوائه ليعجل بنهايته.
هكذا تروى الحكايات، وبدقة في التفاصيل لا تتاح إلا لمن شهدها.
ولكن هكذا تروى الحكايات في حارتنا!
الحكاية رقم «63»
بذرت الكراهية بين شلضم وقرمة في ضفاف الصبا، في أحد الأعياد مزق شلضم جلباب قرمة الجديد فاشتبكا في خناقة حامية، فضرب قرمة شلضم بمقدم قبقابه، فقطع حاجبه، وسجل في وجهه أثرا باقيا.
منذ ذلك التاريخ القديم عششت عاصفة صفراء ضاربة للسواد في أعماقهما، ويجمعهما اللعب مع الصبيان والاختلاط في المناسبات، ولكن الجرثومة الشرهة تظل رابضة ونفاثة للحنق، ويظل منظر أحدهما قوة غادرة ومتحدية للآخر.
في الكتاب يتبادلان الغمز واللمز، يتحرش أحدهما بالآخر ويحرض عليه سيدنا الشيخ عند أية فرصة سانحة.
Page inconnue