Contes de fées de Hans Andersen : Première collection
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Genres
خرج عدد كبير جدا من الناس من الحجرات الجانبية، التي انتصبت فيها التماثيل الرخام، واقتربوا من القبر الذي رقدت فيه بقايا الفنان العظيم الذي نحتها. وحين التفوا حول قبر تورفالسن انطبعت على كل وجه أمارات الانبهار، وجمع بعضهم أوراق الورد المتساقطة ليحتفظوا بها. كانوا جميعا آتين من مناطق بعيدة؛ أحدهم من دولة إنجلترا القوية، وآخرون من ألمانيا وفرنسا. قطفت سيدة أنيقة للغاية وردة وأخفتها في صدر ثوبها. هنا شعرت العصافير أن للورود حظوة في هذا المكان، وأن المكان بأسره قد بني لها، وهو ما بدا أنه تكريم كبير جدا حقا؛ لكن لما أبدى كل الناس حبهم للورود، رأت العصافير أنه من المستحسن ألا تتأخر عن التعبير عن احترامها.
زقزقت العصافير ومسحت الأرض بأذيالها، ورمقت الورود بعين واحدة. لكنها لم تحتج إلى النظر إليها طويلا حتى تشعر أنها كانت تعرفها منذ زمن طويل، وقد كان هذا حقيقيا. كان الفنان الذي رسم شجيرة الورود وأطلال الكوخ قد حصل على إذن بخلع الشجيرة وأعطاها للمهندس المعماري؛ لأن الورود كانت ذات جمال نادر. وقد زرعها المهندس فوق قبر تورفالسن، حيث استمرت في الازدهار، مثالا على الجمال، ناشرة عبقها وأوراقها الوردية ليجمعها ويحملها الناس إلى مناطق بعيدة؛ لتكون تذكارا من المكان الذي سقطت فيه.
سألت العصافير الورود قائلة: «هل حصلتن على وظيفة في هذه البلدة؟»
هزت الورود رءوسها بالإيجاب؛ فقد تعرفت على جيرانها الصغار ذوات اللون الرمادي وسرت برؤيتها مرة أخرى.
قالت الورود: «الحياة هنا مبهجة للغاية حيث ننمو ونقابل أصدقاءنا القدامى، ونرى وجوها مبتهجة كل يوم. ويبدو كأن كل يوم هو يوم عطلة.»
قالت العصافير لبعضها البعض: «صوصو، نعم، إنهن جاراتنا القدامى. نتذكر مكانها الأصلي قرب البحيرة. صوصو! لقد ارتفعت مكانتها بلا شك. يبدو أن من الناس من يتقدم بهم الحال وهم نائمون. مهلا! ثمة ورقة ذابلة. يمكنني أن أراها بوضوح.»
نقرت الطيور الورقة حتى سقطت، لكن ظلت شجيرة الورد يانعة وغضة كما كانت دائما. وتألقت الورود في أشعة الشمس فوق قبر تورفالسن، وبهذا صارت مرتبطة بهذا الاسم الخالد.
المنزل القديم
كان ذات يوم في أحد الشوارع منزل شديد القدم قائم بين عدة منازل أخرى جديدة ونظيفة تماما. كان يمكن قراءة تاريخ بنائه الذي كان منحوتا على إحدى العوارض وقد أحاطت به زخارف حلزونية على شكل زهور توليب وفروع نبات حشيشة الدينار؛ وكان عمر المنزل آنذاك حسب هذا التاريخ يبلغ نحو ثلاثمائة عام. كذلك كتبت أبيات كاملة من الشعر فوق النوافذ بحروف قديمة ونحتت بدقة وجوه متنافرة الملامح تواجه الناس بابتسامة من تحت الأفاريز. كان الدور العلوي أعرض كثيرا من الدور الأرضي، فيما امتد تحت السطح مزراب من الرصاص ينتهي برأس تنين. كان من المفترض أن تتدفق مياه الأمطار من فم التنين، لكنها كانت تخرج من جسمه بسبب ثقب في المزراب.
كانت كل المنازل الأخرى الموجودة في الشارع جديدة ومتينة، وذات نوافذ كبيرة وجدران ملساء. كان من الجلي لأي شخص ملاحظة أنها مختلفة تماما عن المنزل القديم. ربما كانت تلك المنازل نفسها تتساءل: «حتى متى سيظل هنا ذلك الركام من النفايات ليكون وصمة عار في جبين الشارع كله؟ فإن واجهته بارزة جدا حتى إنه من الصعب رؤية ما يجرى في ذلك الاتجاه من نوافذنا. وسلمه في عرض سلالم القلاع ومرتفع كأنه يؤدي إلى برج كنيسة. أما قضبان سوره الحديدية، فكانت تبدو مثل بوابة مقبرة، كما أنه كانت لها مقابض نحاسية. إنه جدير بالسخرية حقا.»
Page inconnue