L'histoire telle qu'elle est : Le récit (Principes, secrets et exercices)
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
Genres
تنبهك الكتابة إلى ما يثير اهتمامك حقا، فأيا كان الموضوع الذي انطلقت في الكتابة منه، فسوف تظهر من بين كلماتك الأمور التي تشغلك مسبقا وتستحوذ على ذهنك. اكتب بعض الأسماء المجردة التي اكتشفت أنها تفرض ذاتها عليك كلما جلست للكتابة؛ مثلا: خمس حالات ذهنية مختلفة تثير شغفك، اكتبها على رأس صفحات متفرقة واتركها جانبا الآن لبعض الوقت. الآن فلتتصفح بعض كتبك المحببة، اعثر على أجزاء من قصص أو روايات أو مسرحيات تعجبك بصورة خاصة، حاول أن تكتشف المعنى المجرد الذي يتسلل عبر سطور هذا المشهد أو تلك الفقرة. اعمل على أن تعتصر هذا الجزء في كلمة مفتاحية أساسية، قد تكون الغضب أو الشهوة أو الحسد أو نشوة النصر، إلى آخره.
أعد قراءة الجزء المقتطف مرة أخرى بهدوء وتركيز، اكتشف كيف تم تقديم هذا المعنى - أو تلك الحالة الذهنية - وكيف تم عرضه ومناقشته دراميا عبر حركة الشخصيات وأفعالها وأقوالها وأفكارها. هل عبر الكاتب عن هذا المعنى صراحة؟ وإن لم يفعل فكيف وضعت يدك عليه؟ كيف أوحى لك به؟ ما العبارة التي أعطتك المفتاح إليه؟ ما الطريقة التي استخدمها هذا الكاتب أو ذاك حتى ينفخ روح الحياة في معانيه المجردة، ويجلبها إلى خشبة السرد ببساطة ودون كلام مباشر أجوف؟
يمكنك الآن الرجوع إلى المعاني المجردة والحالات الذهنية والشعورية الخاصة بك، والمكتوبة على رأس صفحاتك البيضاء؛ لتحاكي ما قام به هؤلاء الكتاب في تجسيد تلك المعاني من خلال مشاهد وشخصيات وقطع نثرية وصفية. ليكن هدفك الأساسي هو أن تتجنب الحديث المباشر عن تلك الكلمات المكتوبة على رأس الصفحة أو ذكرها صراحة، دعها تتسلل إلى وعي القارئ خلسة من بين سطورك.
كرر المحاولة حتى تشعر أنك أصبت الهدف من التمرين. يبقى الأهم أن تتذكر تلك الحيلة كلما وقعت فريسة إغواء الكتابة الصريحة عن معان كبرى مباشرة، دون إيحاء أو تلميح؛ أي دون حيل الفن. •••
خلال الفصول التالية سنتناول عنصرا من أهم وأمتع عناصر الكتابة السردية؛ وهو الشخصية: اكتشافها ورسمها واللعب معها.
فتنة الشخصية
مليك الحكاية
في كتيب بعنوان «كيف تكتب رواية في مائة يوم أو أقل؟» يقول جون كوين:
تذكر أن الروايات قد تكون حبكتها خفيفة وقد يكون أسلوبها هشا، لكن الشيء الوحيد الذي يمكنه إنقاذ أي كتاب واكتساب تعاطف القراء هو شخصيات من لحم ودم، ذات صفات ودوافع قابلة للتصديق.
لا تعني هذه الفقرة بالمرة عدم أهمية الاعتناء بالحبكة أو الأسلوب، لكنها تؤكد في المقابل على عنصر الثقل الأهم للكتابة السردية؛ وهو الشخصية ومقدار مصداقيتها وجاذبيتها للقارئ. قد لا نبالغ كثيرا إذا قلنا إن الشخصية ليست مجرد عنصر من عناصر السرد، شأنها شأن الحبكة أو الوصف أو الحوار، بقدر ما هي الجسد الحي للسرد ذاته. دون شخصية ليس لديك جسر يصلك بقارئك، فأنت وهو - كاثنين من البشر - بحاجة إلى ذلك الكيان الشبح المؤقت لتتقابلا في داخله، لتسكنا جسده وتتابعا حياته وأفكاره، حتى تصدقا اللعبة فتتحول إلى شيء آخر، ويصير هذا الطيف المصنوع من كلمات أكثر قوة وحضورا منكما أنتما الاثنين، يزيح كاتبه وقارئه معا، متربعا على عرش خيالهما كمليك مطلق السيادة في لعبة الحكاية.
Page inconnue