L'histoire telle qu'elle est : Le récit (Principes, secrets et exercices)
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
Genres
اسمحوا لي أن أدعوكم لقراءة هذه القصيدة الصغيرة، للشاعر والروائي والمترجم المصري «أحمد شافعي»، من ديوانه النثري «وقصائد أخرى»، وهي دون عنوان مثل بقية قصائد الديوان الجميل:
سأعتبر أني نجحت يوم يصبح دفتر شعري دفتر مذكراتي، ولكنني لا أعرف في أي شيء حينئذ أكون نجحت.
ثم، وماذا حين يصبح دفتر مذكراتي دفتر شعري، فهذا ما يحدث، ودون مجهود، وربما دون قصد، أصبحت الأيام القديمة قصائد أو تكاد، وكلما أقرؤها أصدق أنني عشت بالفعل ألف عام وأكثر، وربما ليس علي سوى أن أتمادى في العيش.
هنا مستودع روحك
كثيرون منا يميلون عند الكتابة إلى تجنب أقوى عواطفهم، والالتفاف في حذر بالغ حول المناطق الملغومة بداخلهم؛ إما لأنهم يخافونها (على المستوى النفسي أو الاجتماعي)، وإما لأنهم يخشون أن يوصموا بالسنتمنتالية (باختصار: العاطفية السائلة، الزائدة عن الحد). ومع ذلك، فإن تلك المناطق والنقاط ذاتها هي التي تشكل تفردنا وخصوصية تجربتنا، والتي قد تضفي على سطورنا لون الحق والحقيقة، فإن لم تكن قصائدك وقصصك تعني شيئا لك - شيئا خاصا وحميما ولا يشبه إلا ذاته - فكيف ستعني أي شيء بالنسبة إلى قارئك (توءم روحك) كما صرت تعرف الآن؟ وقد قال الكاتب الأمريكي وليام كتريدج:
إن لم تغامر عاطفيا (حرفيا: سنتمنتاليا) فما زلت بعيدا عن ذاتك الداخلية.
إذا كنت مثل كثيرين غيرك تخشى الانكشاف أمام الآخرين، أو تخشى صب عواطفك الخام على الورق كيفما اتفق، فليس عليك إذن أن تذهب بها مباشرة إلى نصوصك، يمكنك أن تستودعها رفيقك الطيب الصغير (دفتر يومياتك). مهما بدا لك هذا مائعا أو مخجلا كأغنيات المراهقة، فلتجرب - على الأقل ولو لمرة واحدة - أن تضع قلبك على الورق. استعد حسية فعل الكتابة القديم: القلم، وملمس الأوراق، والصوت الضعيف لخط يدك على السطور. استعد عزلة وسرية المراهقين، فكل كاتب بداخله هذا المراهق الخجول، مهما تباهى وتبجح وادعى العكس. اكتب عن يومك عموما، أو عن شيء صغير للغاية جرى لك فيه؛ مشهد، أو شخص التقيت به. لا تظن أن يومك لم يحدث فيه أي شيء جدير بالتسجيل، فلا يوجد هذا اليوم على الإطلاق، ومع الوقت سوف تطور قدرة خاصة على ملاحظة تلك الأشياء الصغيرة التي تدعوك لتسجيلها على الفور.
كل لحظة حياة
إذا ما تريثت وتأملت في وقائع يوم واحد فقط من أيام حياتك العادية، فسوف تندهش أمام كم الأشياء والأفكار التي يحتشد بها؛ قد يقتضي الأمر منك بضعة أيام لكتابة ما جرى في ساعة واحدة فقط، وليس علينا إلا الرجوع لبعض الروايات الخالدة في تيار الوعي، مثل: «عوليس» لجيمس جويس، أو «السيدة دالاواي» لفيرجينيا وولف، وبالطبع «البحث عن الزمن المفقود» لبروست، حتى ننتبه لألعوبة الزمن، وكيف تكتنز كل لحظة بداخلها حياة غنية ذات طبقات وألوان وأنغام.
العب بنفسك
Page inconnue