L'Hégire et le Testament
الهجرة والوصية
Genres
[وصيته عليه السلام في الصلاة]
وبعد الإعتقاد منكم يابني بالإيقان والإيمان فخذوا أنفسكم بما أمركم به من تطهير الأعضاء والأبدان، فإذا توضأتم فاسبغوا الوضوء حتى تنظفوا ما أمرتم به من كل عضو.
واعلموا أن الوضوء هو التطهر الأصغر، وأن أجل منه في الطهارة والأكبر ([44]) التطهر والتنظف من كبائر المعاصي، وأن ذلك هو الباب الأكبر الذي من دخله صار إلى النجاة.
واعلموا يابني أن الصلاة إنما وضعت وفرضت لذكر الله تعالى والثناء عليه، والفكرة في جلاله وعظمته وما يقرب إليه، فمن كان حظه من صلاته القعود والقيام، ولم يكن مفكرا في صلاته بالذكر لجلال ربه وعظمته وما يقرب إليه، وما أنعم به عليه من عظيم نعمه، وما وعد من كريم الثواب في طاعته، وما خوفه به من أليم عذابه على معصيته، فمن لم يكن هكذا فهو ساه في صلواته، وإنما وضعت الصلاة لذكر الله، قال الله سبحانه وتعالى: {أقم الصلاة لذكري} [طه: 14] وقال عز وجل: {فويل للمصلين(4) الذين هم عن صلاتهم ساهون(5)} [الماعون: 5]، والسهو عنها فهو السهو عن ذكر الله تعالى فيها، والإقبال بالفكر والقلب عليها.
فافهموا يابني رحمكم الله قول ربكم ودلالته لعباده وخلقه، على ما في الصلاة والركوع والسجود من رضاه وتعظيم حقه، إذ يقول سبحانه لنبيه وهو يرغبه في الصلاة ويدعوه إليها، ويخبره عن الفضائل في الصلاة وما جعل فيها، {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} [العنكبوت: 45].
Page 104