332

Hidayat Raghibin

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين

تنزهوا عن الدنيا ولم يخامروها بشيء من الأشياء، واتخذوها بلغة إلى الآخرة ووصلة إليها؛ يعرف صحة ما قلناه من طالع أخبارهم، وعرف آثارهم، وتلمح أحوالهم، وفهم أقوالهم، وقد قدمنا في هذا ما فيه كفاية وزيادة.

الخصيصة الرابعة:

الورع عن المحرمات والمشتبهات: وهذه هي صفة أئمة العترة النبوية في تورعهم عن ملابسة الأحوال الدنيوية، ومجانبتهم لمن في يديه شيء منها؛ عملا بقوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} [هود:113] ، وهذه الفضيلة أعلى فضائل المتقين، وأشرف غلائل الزاهدين، وفيها الحديث المشهور: ((لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، وتوفيتم بين الركن والمقام ما نفعكم ذلك إلا بالورع)) .

ومن أنصف عرف أن أئمة العترة هم المختصون بهذه الصفة دون غيرهم من علماء العامة وفقهاء الأمة، وهل الورع إلا مثل ما فعله القاسم بن إبراهيم عليه السلام في رده وقر سبعة أبغل ذهبا، على أن يبتدي عبدالله بن هارون الملقب بالمأمون بن الرشيد بكتاب أو يجيب له كتابا؟ هذا هو محض الورع والزهد في الدنيا.

Page 376