290

Hidayat Raghibin

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين

فانتصب للأمر بعده الإمام الطاهر، والقمر الزاهر، سبط النبي، وسلالة الوصي الحسن بن علي صلوات الله على روحه في الأرواح وعلى جسده في الأجساد، فرأب الصدع في الدين، ودعا إلى الحق المبين ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، إلى أن خذله أجناده، وقعد عنه أعضاده، وبسطت إليه الأيدي بالسوء فجرح، ودفع عما انتصب له ودعي إلى سلم من كان له حربا، وغصب على الأمر غصبا، ثم لم يرض بذلك حتى قتل مسموما، ودفن مظلوما.

فقام بالأمر بعده من ترك الدنيا وزينتها، وأراد الآخرة وسعى لها سعيها؛ الحسين بن علي عليه السلام فشهر سيفه وبذل نفسه، ونهض إلى العراق لمنابذة الفساق بعدما دعي إليها، ووعد النصرة بها، فتعاوره من حزب الشيطان من لم يزل مبطنا للنفاق، ومصرا على الشقاق، فقتلوه أقبح قتلة ، ومثلوا به أشنع مثله، وغودر صريعا، ونبذ بالعراء طريحا، وحز رأسه وحمل إلى من بان كفره وظهر، ولاح عناده وانتشر.

وسبيت بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما سبيت ذراري المشركين فلم يكن من المسلمين من يغضب لله، ويذب عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل كان الجميع بين راض شامت، ومنكر ساكت.

فعند ذلك شربوا الخمور، وأعلنوا بالفجور، ورفعوا حشمة الإسلام، ولعبوا بالأحكام، واتسعت المظالم، وظهرت المآثم حتى لم يبق من الدين إلا اسمه، ومن الإسلام إلا رسمه.

Page 334