154

Guidance des Perplexes dans les Réponses aux Juifs et aux Chrétiens

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Chercheur

محمد أحمد الحاج

Maison d'édition

دار القلم- دار الشامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Lieu d'édition

جدة - السعودية

يَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدًا جَدِيدًا يَأْتِي مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَتَفْرَحُ الْبَرِّيَّةُ وَسُكَّانُهَا، يُهَلِّلُونَ بِاللَّهِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، وَيُكَبِّرُونَهُ عَلَى كُلِّ رَابِيَةٍ، لَا يَضْعُفُ، وَلَا يُغْلَبُ، وَلَا يَمِيلُ إِلَى الْهَوَى، مُشَفَّحٌ وَلَا يُذِلُّ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ هُمْ كَالْقَصَبَةِ الضَّعِيفَةِ، بَلْ يُقَوِّيَ الصِّدِّيقِينَ، وَهُوَ رُكْنُ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَهُوَ نُورُ اللَّهِ الَّذِي لَا يُطْفَأُ، أَثَرُ سُلْطَانِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: مُشَفَّحٌ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ بِوَزْنِ مُكَرَّمٍ، وَهِيَ لَفْظَةٌ عِبْرَانِيَّةٌ، مُطَابَقَةٌ لِاسْمِ مُحَمَّدٍ مَعْنًى وَلَفْظًا، مُقَارِبًا لِمُطَابَقَةِ (مُؤَدَ مُؤَدَ) بَلْ أَشَدَّ مُطَابَقَةً، وَلَا يُمْكِنُ الْعَرَبُ أَنْ يَتَلَفَّظُوا بِهَا بِلَفْظِ الْعِبْرَانِيِّينَ، فَإِنَّهَا بَيْنَ الْحَاءِ وَالْهَاءِ، وَفَتْحَةُ الْفَاءِ بَيْنَ الضَّمَّةِ وَالْفَتْحَةِ، وَلَا يَتَرَيَّبُ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ مُنْصِفٌ أَنَّهَا مُطَابَقَةٌ لِاسْمِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ: مُشَفَّحٌ مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ شَكِّ، وَاعْتِبَارُهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ (شَفْحَا لَاهَا)، إِذَا أَرَادُوا يَقُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِذَا كَانَ الْحَمْدُ شَفْحًا فَمُشَفَّحٌ مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ شَكٍّ.
وَقَدْ قَالَ لِي وَلِغَيْرِي بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ: إِنَّ " مِئِدَ مِئِدَ " هِيَ مُحَمَّدٌ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ، وَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ الْمِيمَ وَيُدْنِيهَا مِنَ الضَّمَّةِ، قَالَ: وَلَا يَشُكُّ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُحَمَّدٌ، وَإِنْ سَكَتْنَا عَنْ ذَلِكَ، وَضَرَبْنَا عَنْ هَذَا صَفْحًا فَمَنْ هَذَا الَّذِي انْطَبَقَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ سِوَاهُ ﷺ؟! وَمَنْ هَذَا الَّذِي أَثَرُ سُلْطَانِهِ وَهُوَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ عَلَى كَتِفَيْهِ، رَآهُ النَّاسُ عِيَانًا مِثْلَ زِرِّ الْحَجْلَةِ؟! ! فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ، وَبَعْدَ الْبَصِيرَةِ إِلَّا الْعَمَى، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.
فَصِفَاتُ هَذَا النَّبِيِّ وَمَخْرَجُهُ وَمَبْعَثُهُ وَعَلَامَاتُهُ وَصِفَاتُ أُمَّتِهِ فِي كُتُبِهِمْ، يَقْرَءُونَهَا فِي كَنَائِسِهِمْ، وَيَدْرُسُونَهَا فِي مَجَالِسِهِمْ، لَا يُنْكِرُهَا مِنْهُمْ عَالِمٌ، وَلَا يَأْبَاهَا جَاهِلٌ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَمْ يَظْهَرْ بَعْدُ، وَسَيَظْهَرُ وَنَتَّبِعُهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ يَهُودَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مَبْعَثِهِ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَرَبِ، كَفَرُوا بِهِ وَجَحَدُوا نُبُوَّتَهُ، وَجَحَدُوا مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ

2 / 370