في أصحابه، إذ نظر إلى بعير ناد، حتى أقبل إليه وهو جالس بين أصحابه فضرب في أخفافه ورغا، فقال القوم: يا رسول الله يسجد لك هذا البعير، فنحن أحق أن نسجد لك، قال لهم: اسجدوا لله رب العالمين.
إن الجمل يشكو إلي أربابه ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
فوقع في قلب رجل منهم ما شاء الله أن يقع في قلبه من كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما لبث إلا قليلا حتى أتى صاحب البعير، فقال له: يا أعرابي هلم إلي، فما بال هذا البعير يشكو من أربابه؟ فقال:
يا رسول الله ما يقول؟ قال: يقول: إنكم أنختموه صغيرا وأعنفتموه كبيرا، ثم إنكم أردتم نحره.
قال الأعرابي: والذي بعثك بالحق نبيا واصطفاك بالرسالة نجيا، ما كذب هذا البعير، ولقد قال بالحق.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أعرابي اختر واحدة من ثلاث إما أن تهبه لي، وإما أن تبيعني إياه، وإما أن تجعله سائبا لوجه الله. فقال: يا رسول الله أهبه لك. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم أشهدكم علي أني جعلته سائبا لوجه الله، فكان البعير يأتي المعالف فيعتلف منها، ولا يمنعوه حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى هلك الجمل فكان هذا من دلائله (عليه السلام والتحية).
10 وعنه بهذا الإسناد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا والناس حوله، فقال لهم: إنه يأتيني غدا تسعة نفر من حضرموت يسلم منهم ستة، وثلاثة لا يسلمون، فوقع في قلوب الناس من كلامه ما شاء الله أن يقع، فلما أصبحوا وجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مجلسه، أقبلت التسعة رهط من حضرموت، حتى دنوا من النبي (صلى الله عليه وآله) وقالوا له: يا محمد اعرض علينا الإسلام فعرض رسول الله عليهم
Page 55