244

ويلحدني فإنه محمد ابني فإذا أرادوا ترابا يلقونه في قبري فامنعهم من ذلك فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ ويتربع قال فقلت نعم يا سيدي، ثم قال:

احفظ ما عهدت إليك واعمل به ولا تخالفه قلت أعوذ بالله يا سيدي أن أخالف أمرك قال هرثمة: فخرجت باكيا حزينا فلم أزل على ما قال لي ولا يعلم ما في نفسي إلا الله ثم دعاني المأمون إليه فدخلت فلم أزل قائما إلى ضحى النهار ثم قال المأمون امض يا هرثمة إلى أبي الحسن فأقرئه مني السلام وقل له: تصير إلينا أو نصير إليك فإن قال بلى نصير إليه ونسأله أن يقدم بمصيرنا قال: فجئته فلما طلعت على سيدي الرضا قال لي: يا هرثمة أليس قد حفظت ما وصيتك به قلت بلى فقال: قدموا نعلي فقد علمت ما سألك به فقدمت نعله ومشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه وقبل بين عينيه وأجلسه إلى جانبه على سريره وأقبل عليه يحادثه من النهار طويلا ثم قال لبعض غلمانه آتوني بعنب ورمان قال هرثمة قال [فلما سمعت لم أستطع الصبر ورأيت النفضة قد عرضت في جسدي فكرهت أن يتبين ذلك فرجعت القهقري حتى رميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي الرضا (عليه السلام) قد خرج من عنده ورجع إلى داره ثم رأيت الآمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الأولياء والمتفرقين فقلت ما هذا فقال علة عرضت لأبي الحسن علي الرضا (عليه السلام) فكان الناس في شك وكنت أنا في يقين لما علمته منه فلما كان في بعض الليل وهو الثلث الثاني علا الصياح وعلت الوجبة من الدار فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محلل الأزرار قائما ينتحب ويتباكى فوقفت فيمن وقف وأنا أحس في نفسي أكاد أتميز من الغيظ فلما أصبحنا جلس المأمون للتعزية ثم قام يمشي إلى الموضع الذي كان فيه سيدنا الرضا (عليه السلام) فقال: أصلحوا لنا موضعا إني أريد أن أغسله فدنوت منه فقلت خلوة يا أمير المؤمنين فأخلى نفسه فأعدت عليه ما قاله لي سيدي بسبب الغسل والكفن والدفن فقال لي

Page 284