يحذر ، والتحذير ربما يكون ، كما في آية الحذر (1)، وربما لا يكون ، كما في ( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) (2) وأمثالهما.
ثالثها : دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق ، وأن الأمر في الآيتين وغيرهما من الآيات والروايات إرشاد إلى ذلك الحسن العقلي ، فيكون نظير ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) (3).
وهذا أيضا كسابقه في عدم الصحة ، إذ مجرد استقلال العقل بشيء لا يوجب حمل الأمر إلى الإرشاد إلى ذلك الشيء ، بل يوجب ذلك إذا لم تكن له فائدة أخرى غير ما حكم به العقل ، وباب الإطاعة من هذا القبيل ، فإن ما حكم به العقل وهو حسن الإطاعة واستحقاق العقوبة على تركها بعينه هو الذي يستفاد من الأمر المولوي الوجوبي ، بخلاف المقام ، إذ العقل يحكم بمجرد الحسن لا به وباستحقاق العقوبة على تركها ، فلا يحمل الأمر حينئذ على الإرشاد ، بل هو أمر مولوي ظاهر في الوجوب.
فظهر أن شيئا من الوجهين الأخيرين لا يكون صحيحا.
وهناك وجه رابع : هو أن المستفاد من المسارعة إلى سبب المغفرة والاستباق إلى الخير أن الفعل مع التأخير أيضا يكون خيرا وسببا للمغفرة ، وهذا معنى عدم اقتضاء الأمر للفورية ، إذ لو كان
Page 297