كما أنه في بعض ما يكون له مصلحة لزومية آكد وأشد من بعض آخر كذلك ، إذ الواجبات ليست جميعها متساوية من حيث الأهمية ، ضرورة أن مصلحة إتيان الصلاة ليست بمتساوية مع مصلحة رد السلام مع أنهما متساويان في أنهما واجبان ، ولكليهما مصلحة لزومية.
ومن الواضح أن هذا الاختلاف لا يوجب الفرق في مفاد الأمر ، فمفاد الأمر مطلقا هو إظهار الشوق المؤكد لا غير ، وإنما العقل يحكم بالبت والقطع أن المولى إذا أظهر شوقه وأمر عبده بشيء ولم يرخصه في تركه ، وجب عليه الامتثال من باب دفع الضرر المحتمل ، وتصح المؤاخذة على مخالفته ، ولا يقبح العقاب عند العقلاء ، لأنه ليس عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان ، وهذا بخلاف ما إذا رخصه ، فإن العقاب معه قبيح عند العقلاء بالضرورة ، وليس هذا تخصيصا لحكم العقل ، بل يكون تخصصا ويكون موضوع حكم العقل ضيقا من أول الأمر.
ومما يوضح ويؤكد هذا : أنه إذا أمر المولى عبده بالإشارة أو تحريك اليد لا باللفظ أو الكتابة ، ليس له مخالفته ما لم يرخصه ، وتصح مؤاخذته وعقابه عند مخالفته مع أن الإشارة ليست بلفظ ، وهكذا تحريك اليد حتى يدل على الوجوب أو يكون ظاهرا فيه.
Page 225