هي المنتظرة. من كنت أبحث عنها طوال حياتي. وكأن الله بعث لي ملاكا من الجنة؛ ليعوض روحي الجرداء المتعبة، ويجزيني خيرا بعد صبر وطول انتظار.
حمدت الله على نعمته.
وحمدت الله عليها كثيرا. «...» صمت.
سألت نفسي: هل هو الحب؟ ربما، لا أعرف؛ فأنا لم أجرب الحب من قبل.
لكن ذلك الشعور الدافئ في صدري يقول بأنني وجدت ضالتي أخيرا، وقد حان الأوان لأغرس رمحي في الشط، وأرفع علم ملكيتي وحيازتي، وأعلن وصولي وانتصاري بهذا الفتح الجديد. «...» صمت.
يقولون: إنه لم يوجد بعد ذلك الرجل الذي يتعامل مع الأنثى بطريقة عادلة. فهو إما رفعها عاليا وتعامل معها بقدسية الأم والأخت، أو حط منها واعتبرها جسدا لإشباعه، أو جارية خلقت لخدمته، أو ماكينة بيولوجية للتفريخ وتمرير الجينات.
بالنسبة لي لم يكن شعوري تجاهها أيا من هذا، وصدقني عندما أقول لك إنني لا أفهم طبيعة مشاعري تجاهها على نحو واضح بعد، ليس حبا خالصا وليس اشتهاء خالصا، وليس إعجابا محضا. هو شيء من هذا وذاك. «...» صوت سعال خفيف في الخلفية. «...» صمت.
فتنتني عيناها ، وتلك النظرات النقية التي تحمل نقاء ألف طفل، وتحتضنك بدفء حضن أنثى محبة، وتخبرك بكل أسرار عبارات الحب، وغزل شعراء الجاهلية وعذابات قيس، ورهبة الجمال. سقطت نظراتها على روح قاحلة ظامئة أنبتت فيها بعض الخضرة هنا وهناك، وبعض الأمل.
لا أريد شيئا من الدنيا سوى أن أفني سنوات عمري القادمة أمام تلك العيون، أنهل المزيد حتى أرتوي.
وفي محرابهما أخلع قناعي الاجتماعي الزائف، وأتعرى أمامهما بكل ما في من عيوب وأسرار، وأشعل بخوري وألبس صليبي، وأحمل سجادتي للصلاة.
Page inconnue