Sir Henry Percy
الذي ترقى فيما بعد فأصبح لورد نورثمبرلاند
Lord Northumberland ، وأشيع أنه تزوجها سرا، ولكن طموحها لم يقف عند هذا الحد، على خلاف ما يصوره شيكسبير في المسرحية.
ويقول المؤرخون إن أقدم ما يشهد على توله الملك هنري الثامن بها هو رسائل الغرام التي كان يرسلها إليها منذ يوليو عام 1527م، ولكن العلاقة كانت ولا شك قد بدأت قبل ذلك التاريخ. وإذا كان شيكسبير قد صور لقاء الملك بها في الحفل الذي أقامه وولزي تصويرا يحمل أصداء «روميو وجوليت»، فهذا خيال شاعر محض! بل إن العبارة التي يقولها الملك عندما يراها ل «أول مرة» في الحفل هي نفس العبارة التي يقولها روميو عندما يرى جوليت في حفل أسرة كابيوليت وهي «أنا لم أشاهد الجمال ولم تعرفه عيناي قبل الآن!»
والصدق التاريخي هنا يقتصر على جوهر الحدث؛ أي افتتان الملك بالفتاة، أما أنها هي التي دفعته إلى طلب الطلاق فمسألة خلافية، فالملك كان ينتوي الطلاق منذ أمد بعيد، وكان موضوع إنجاب وريث يخلفه على عرش إنجلترا شغله الشاغل، وكان الشعب يشاركه القلق، فالحرب الأهلية بين أسرتي يورك ولانكاستر بسبب الخلاف على تولي العرش كانت ذكراها ما تزال عالقة بالأذهان (1454-1485م) والأسرة الحاكمة التي يمثلها الملك لم تقض في الحكم إلا اثنتين وأربعين سنة، وكان آخرون يطمعون في ارتقاء العرش؛ ولذلك فإن حبه للفتاة، مهما يكن صادقا وعميقا، كان الشرارة وحسب التي أوقدت البركان الساكن.
وعلى أي حال فإن هنري الثامن طلب من وولزي مساعدته في إعلان بطلان زواجه من كاثرين عن طريق إقناع البابا بذلك، ولكن البابا كان حينذاك أسيرا عند إمبراطور إسبانيا، ولم يكن الإمبراطور على استعداد لمساعدة الملك في التخلص من الملكة التي هي خالته (أي حالة الإمبراطور). وكان وولزي يتصور أن الطلاق سوف يمكن الملك من الزواج من رينيه أخت ملك فرنسا، مما يساعده في خططه السياسية، لا تلك الفتاة التي لم تتجاوز العشرين، والتي لا تمثل له أي قيمة سياسية، ومع ذلك فقد عمل على تحقيق رغبة الملك.
وأحس الملك أن وولزي ليس مخلصا في تحقيق رغبته، ولا بد أن آن بولين كانت تحفز الملك على إتمام الطلاق وتمارس أقصى ما تستطيعه المرأة من ضغوط وحيل، فأرسل مندوبا عنه إلى البابا الأسير «كليمانت»، اسمه السير وليام نايت، بطلبين محددين؛ الأول أن يسمح له بالاحتفاظ بزوجتين إذا تعذر الطلاق، والثاني أن يصدر فتوى بتحليل زواجه من فتاة كانت له علاقات جنسية مع أختها! ولكن الملك تراجع في آخر لحظة وألغى المطلب الأول. ويقول لنا بولارد في كتابه عن وولزي (ص207): إن الملك لا بد قد أصابه الذهول عندما تلقى من أحد مندوبيه في روما، وهو إيطالي يدعى جوفاني كاسالي
Giovanni Cassali
خطابا بعد ذلك بثلاث سنوات يقول له فيه إن البابا قد اقترح عليه آنذاك (أي في عام 1527، عندما بعث إليه وليام نايت) بأنه يستطيع أن «يسمح لجلالتكم بالجمع بين زوجتين!» ولم يستطع البابا الأسير لدى الإمبراطور شارل أن يسمح بالطلاق لأن معنى ذلك الحكم بأن البابا السابق أخطأ حين سمح بالزواج أصلا! وأخيرا أرسل الملك إلى البابا طلبا بعقد محكمة؛ أي جلسة فقهية، للنظر في صحة زواجه من كاثرين، وأن يرسل لهذا الغرض مندوبا عنه وممثلا له بحيث يلتزم الملك بالحكم الذي يصدره. وكان البابا مترددا، ولكن الملك هنري استطاع بفضل جهود وولزي أن يعقد حلفا مع فرانسيس ملك فرنسا لشن حملة على إمبراطور إسبانيا وفك أسر البابا إذا نجحت الحملة - في يناير 1528م - وعندها رأى البابا أملا في الخلاص من الأسر، فوافق على إرسال مندوب عنه هو الكاردينال كامبيجيو (كسامبيوس في مسرحية شيكسبير).
ولما علم ملك فرنسا أرسل خطابا شديد اللهجة إلى البابا يؤنبه فيه على اتخاذ قرار يعارض فيه قرار البابا السابق (يوليوس الثاني) فانزعج البابا، وأرسل إلى مندوبه يطلب منه تأجيل البت في القضية (وهو ما يصوره شيكسبير من خلال استياء الملك لهذا «التسويف»). وكانت دوافع هنري في هذه الآونة قد تبلورت، فلم يكن، كما يظن كامبيجيو، مدفوعا بالحب الجارف للفتاة آن بولين وحسب، ولكنه كان يعيد النظر في حساباته جميعا، خصوصا فيما يتعلق بموقف إنجلترا من كنيسة روما، وتلك السلطة التي بدت له أكبر مما يمكن لملك ما أن يحتمله! كان كامبيجيو يتصور حسبما كتب إلى البابا في فبراير 1529م، أن العاطفة المشبوبة هي التي تتحكم في تصرفات الملك، غير مدرك للتحولات الاجتماعية والفكرية التي كانت تحفز الملك إلى معاداة الكهنوت، شأنه في ذلك شأن رعاياه، وإلى معاداة البابا بصفة خاصة، باعتباره رمزا لسلطة أصبحت - بسبب الفساد الذي شاب ممارستها - غير صالحة للعصر الجديد.
Page inconnue