وَمن تدبر هَذِه الْآيَات وتفكر فِيهَا عرف سر الْقدر إِن شَاءَ الله فَلَا أجل من الْمُصْطَفى وَلَا أَعلَى وَلَا أَسْنَى ونرى هَذِه السياسة وَهَذَا الناموس وَهَذِه الْحِكْمَة وَهَذَا الْجلَال وَهَذَا السُّلْطَان وَهَذَا الجبروت وَهَذَا الْملك وَهَذَا الملكوت أظهر سر قدره فِي خير خلقه فَمَا تَقول الْقَدَرِيَّة فِي جهال الْخلق وعوامهم كَيفَ يحكمون عَلَيْهِم أَنهم مالكون لأَنْفُسِهِمْ وخالقون لأفعالهم ومستغنون فِي هدايتهم عَن مالكهم وبارئهم يَفْعَلُونَ مَا يشاءون دون مَشِيئَة إلههم فيخالفون أهل الْحق أَجْمَعِينَ ويشاءون وَإِن لم يَشَأْ الله رب الْعَالمين خلافًا لآيَات الْكتاب الْمُبين حَيْثُ نطق بقوله ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين﴾
وَقَوله ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله إِن الله كَانَ عليما حكيما﴾
سُورَة الْكَهْف قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا﴾
انْظُر كَيفَ خلق لَهُم الزِّينَة فِي الدُّنْيَا ليختبرهم ويصيدهم بهَا وبلذاتها وشهواتها وزبرجها وجبرتها حَتَّى لقد تفكر فِي أمرهَا وحبائلها بعض العارفين فَبكى وَقَالَ كَيفَ الْحِيلَة وَقد نصب لنا الشّرك ليصيدنا فَالله الْمُسْتَعَان على مَا أبلانا وَأنْشد النَّاظر فِي هَذَا الْمَعْنى وَأحسن فِيمَا تغنى
1 / 78