36

حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

Chercheur

عبد الله عمر البارودي

Maison d'édition

مؤسسة الكتب الثقافية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1405 AH

Lieu d'édition

بيروت

ظَهره وَلَا يبرحوا من مكانهم فَرَأَوْا الْهَزِيمَة على قُرَيْش والمسلمون يغنمون أَمْوَالهم فتركوا مَصَافهمْ فَنظر خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ مَعَ الْكفَّار يَوْمئِذٍ ظهر رَسُول الله ﷺ قد انْكَشَفَ من الرُّمَاة فَأخذ سَرِيَّة من الْخَيل وَدَار حَتَّى صَار خلف الْمُسلمين وَحمل عَلَيْهِم وَلم يكن مَعَ رَسُول الله ﷺ من الرُّمَاة أحد إِلَّا صَاحب الرَّايَة حفظ وَصِيَّة رَسُول الله ﷺ فَوقف حَتَّى اسْتشْهد مَكَانَهُ وَقتل يَوْمئِذٍ من الْمُسلمين سَبْعُونَ وَاسْتشْهدَ حَمْزَة عَم رَسُول الله ﷺ وَقتل من الْمُشْركين يَوْم بدر سَبْعُونَ وَأسر سَبْعُونَ فَأنْزل الله تَعَالَى نَظِير هَذِه الْآيَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة﴾ يَعْنِي يَوْم أحد ﴿قد أصبْتُم مثليها﴾ يَعْنِي يَوْم بدر ﴿قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم﴾
وَلَا يجوز أَن تكون الْحَسَنَة هَا هُنَا الطَّاعَة والسيئة الْمعْصِيَة كَمَا قَالَت الْقَدَرِيَّة إِذْ لَو كَانَ كَمَا قَالُوا لقَالَ مَا أصبت كَمَا قدمنَا
إِذْ هُوَ عَنهُ الْفِعْل عِنْدهم وَالْكَسْب عندنَا وَإِنَّمَا تكون الْحَسَنَة الطَّاعَة والسيئة الْمعْصِيَة فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا﴾
وَأما فِي هَذِه الْآيَة فَهِيَ كَمَا تقدم شرحنا لَهُ من الخصب والجدب والرخاء والشدة على نَحْو مَا جَاءَ فِي الْآيَة الَّتِي فِي الْأَعْرَاف وَهِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ﴾ أَي بالجدب سنة بعد سنة حبس الْمَطَر عَنْهُم فنقصت ثمارهم وغلت أسعارهم ﴿فَإِذا جَاءَتْهُم الْحَسَنَة قَالُوا لنا هَذِه وَإِن تصبهم سَيِّئَة يطيروا بمُوسَى وَمن مَعَه﴾ أَي يتشاءمون بهم وَيَقُولُونَ هَذَا من أجل أتباعنا

1 / 53