كان يحرز تقدما جيدا في عمله، وطلبوا منه أن ينضم لفريق البولينج، لكنه شكرهم وأخبرهم أنه ليس لديه وقت كاف. لكن في الحقيقة كان لديه متسع من الوقت، لكنه أراد أن يمضيه مع إيزابيل، بانتظار حدوث أي تغيرات في حالتها، أي تفسير لما هي عليه؛ فلم يكن يرغب أن يفوته شيء.
اعتاد أن يذكر الممرضات باسمها ويقول: «اسمها إيزابيل .» وذلك إذا ما نادينها قائلات: «والآن، سيدتي.» أو «حسنا، أيها السيدة، لنذهب لأعلى.»
ثم اعتاد سماعهن وهن يتحدثن إليها بتلك الطريقة. وهكذا طرأت بعض التغيرات، على أية حال، لكنها لم تكن تغيرات في حالة إيزابيل، بل إنها حدثت بداخله.
ولفترة طويلة، ظل يراها مرة يوميا، ثم جعلها مرة كل يومين، ثم مرتين في الأسبوع. •••
مرت أربع سنوات، اعتقد خلالها أنها تقترب من تحقيق رقم قياسي، وسأل المسئولين عن رعايتها إن كان الأمر كذلك، وأجابوه قائلين: «حسنا، إنها على وشك ذلك.» تلك هي عادتهم دائما المتمثلة في عدم الوضوح فيما يتعلق بأي شيء.
يغلب على الفكرة التي كانت تسيطر عليه أنها تعي وتفكر، ولم يعد ينتظر أن تفتح عينيها؛ كل ما في الأمر أنه لم يكن يستطيع أن يمضي ويتركها بالمستشفى بمفردها.
لقد تغيرت من امرأة نحيفة جدا، ليس إلى ما يشبه الطفلة بل إلى مجموعة من العظام غير المتجانسة القبيحة المنظر، التي يعلوها بعض الشعر الذي يشبه ريش الطائر، والتي كانت معرضة للموت في كل لحظة مع أنفاسها غير المنتظمة.
كانت هناك بعض الحجرات الكبيرة الملحقة بالمستشفى والمخصصة لإعادة التأهيل وممارسة التمرينات الرياضية، وكان يراها في العادة وهي خالية فقط؛ حيث كل الأجهزة موضوعة جانبا والأضواء مغلقة. ولكنه ذات ليلة، بينما كان يغادر المستشفى، سلك طريقا مختلفا عبر المبنى لسبب ما ورأى إحدى الحجرات وقد تركت الأضواء مضاءة بها.
وعندما اتجه إليها ليتبين الأمر، رأى أن ثمة شخصا لا يزال بالداخل. كانت امرأة، كانت تجلس منفرجة الساقين على إحدى كرات التمرين المنفوخة؛ لقد كانت تستريح فوقها فقط، أو ربما تحاول أن تفكر أين كان يفترض بها أن تتجه فيما بعد.
كانت تلك المرأة هي ليا. لم يتعرف عليها في أول الأمر، لكنه نظر ثانية وتأكد أنها ليا. ربما لم يكن ليدلف إن كان عرف من هي من البداية، لكنه الآن كان في منتصف الطريق لأداء إحدى مهام عمله المتمثلة في إغلاق الأضواء. ورأته.
Page inconnue