ونالنا في هذا اليوم شر لم نتوقعه، فعدنا قبل أن ينتصف النهار محزونين! ... وسمع الرافعي بما نالنا فقال: «هو ذلك! إن الشر ليتربص بالمسلم الذي يحتفل لهذا اليوم أكثر مما يحتفل لمطلع المحرم! هذه وصية أب!»
2
وكان يعالج كثيرا من وسائل الرياضة غير المشي، وقد أتقن تمرينات «صاندو» الرياضي الفرنسي المشهور ...
ولو أن أحدا دخل منذ سنوات الغرفة التي كان فيها مكتب الرافعي، لرأى «عقلة» تتدلى من السقف، وكرات وأساطين من الحديد ملقاة إلى جانب، وأثقالا من أثقال الرياضة مسندة إلى الحائط.
وقد كان إلى قريب يملك عودا طويلا من الحديد الغليظ يعلق في طرفيه ولديه الشابين سامي ومحمد، ثم يرفعهما بيده كما يفعل أبطال الحمل حين يحملون من أثقال الحديد ...!
وكان ولعه بالرياضة يحمله على السعي إلى أبطالها يلتمس صداقتهم، ومن أصدقائه المصارع الكبير المرحوم عبد الحليم المصري، والبطل المصري المشهور السيد نصير!
ومن عجائب الازدواج في شخصية الرافعي أنك كنت تنظر على مكتبه ثلاث صور لا تجتمع في مكان: هي صورة المرحوم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، وصورة الرياضي الفرنسي المشهور صاندو ، وصورة ... كريمان هانم خالص، ملكة الجمال التركية في وقت ما، واسترعى اجتماع هؤلاء الثلاثة ملاحظتي ذات يوم، فقال وأشار إلى صورتي صاندو والشيخ محمد عبده: «هاتان قوتان تعملان في نفسي: قوة في روحي، وقوة في جسدي!»
قلت: «وهذه ...؟»
قال: «وهذه ...! ما أجملها! انظر! ألا تقرأ شعرا مسطورا على هذه الجبين؟»
وكان سباحا ماهرا، وكانت له جولات في السباحة يشهدها شاطئ سيدي بشر في الصيف، وكان يقصد هو وأسرته للاستحمام جانبا من الشاطئ غير مطروق لعنفوانه وشدة موجه، وكان يمزح ويسميه «بلاج الرافعي»؛ إذ قل أن يقصد إليه للاستحمام أحد من المصطافين في سيدي بشر غير الرافعي وأسرته.
Page inconnue