Hawi Li Fatawi
الحاوي للفتاوي
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1424 AH
Lieu d'édition
بيروت
النَّبِيِّ ﷺ بِفَصٍّ وَمَا كَانَ فَصُّهُ؟ وَهَلْ تَخَتَّمَ فِي الْيَمِينِ أَوِ الشِّمَالِ؟ وَهَلْ كَانَ فَصُّهُ مِمَّا يَلِي ظَاهِرَ الْكَفِّ أَوْ بَاطِنَهُ؟ وَهَلِ الْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ («أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَيْهِ ﷺ وَفِي يَدِهِ خَاتَمُ نُحَاسٍ فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ رَائِحَةَ أَهْلِ النَّارِ»؟) صَحِيحٌ وَمَنْ رَوَاهُ وَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ أَوِ الْكَرَاهَةُ؟ .
الْجَوَابُ: أَمَّا الْوَزْنُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَلَكِنْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: («وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا») قَالَ الزركشي فِي الْخَادِمِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ أَصْحَابُنَا لِقَدْرِ الْخَاتَمِ وَلَعَلَّهُمُ اكْتَفَوْا بِالْعُرْفِ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ إِسْرَافٌ، وَأَمَّا التَّخَتُّمُ بِسَائِرِ الْمَعَادِنِ مَا عَدَا الذَّهَبَ فَغَيْرُ حَرَامٍ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ هَلْ يُكْرَهُ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ («أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ فَقَالَ: مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ؟ فَطَرَحَهُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ، فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ، قَالَ: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا») أَخْرَجَهُ أبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي سَنَدِهِ رَجُلٌ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، فَضَعَّفَهُ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَجْلِهِ، وَلَكِنَّ ابْنَ حِبَّانَ صَحَّحَهُ فَأَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ، وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الْمَسْؤُولُ عَنْهُ فِي السُّؤَالِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَرَجَّحَهُ النووي فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ: لِضَعْفِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَلِمَا أَخْرَجَهُ أبو داود بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ مُعَيْقِيبٍ الصَّحَابِيِّ قَالَ: («كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ»)، وَأَمَّا التَّعَدُّدُ فَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ فَوْقَ خَاتَمَيْنِ فِضَّةً، فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْخَاتَمَيْنِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَارْتَضَاهُ الإسنوي، وَقَيَّدَهُ الخوارزمي فِي الْكَافِي بِأَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي إِصْبَعٍ، وَأَمَّا هَلْ تَخَتَّمَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِغَيْرِهَا؟ فَسَيَأْتِي حَدِيثٌ أَنَّهُ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ وَرِقٍ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ معيقيب أَنَّهُ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَمَّا تَخَتُّمُهُ بِالذَّهَبِ فَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ وَطَرَحَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْفَصُّ فَمُبَاحٌ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يَجُوزُ الْخَاتَمُ بِفَصٍّ وَبِلَا فَصٍّ، وَيَجْعَلُ الْفَصَّ مِنْ بَاطِنِ كَفِّهِ أَوْ ظَاهِرِهَا، وَبَاطِنُهَا أَفْضَلُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ انْتَهَى، وَأَمَّا فَصُّ خَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ فَفِي صَحِيحِ
1 / 86