15

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1424 AH

Lieu d'édition

بيروت

شَهْرَيْنِ وَشَهْرٍ. الثَّانِي: أَنَّهُ رُوِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَرُوِيَ بِشَهْرَيْنِ وَرُوِيَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَثِيرٌ مِنَ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ فِيهِ تَارِيخٌ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ أبي داود فَحَصَلَ فِيهِ نَوْعُ اضْطِرَابٍ فَلَمْ يَبْقَ تَارِيخٌ يُعْتَمَدُ. الثَّالِثُ: لَوْ سُلِّمَ تَأَخُّرُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ ; لِأَنَّهُ عَامٌّ وَأَخْبَارُ الدِّبَاغِ خَاصَّةٌ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ أَهْلِ أُصُولِ الْفِقْهِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ: عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى اللَّحْمِ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ نُصُوصٍ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الدِّبَاغَ فِي اللَّحْمِ لَا يَتَأَتَّى، وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ، بَلْ يَمْحَقُهُ بِخِلَافِ الْجِلْدِ، فَإِنَّهُ يُنَظِّفُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَيَصْلُبُهُ، وَبِهَذَيْنَ الْجَوَابَيْنِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِمُ: الْعِلَّةُ فِي التَّنْجِيسِ الْمَوْتُ، وَهُوَ قَائِمٌ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ الثَّانِي بِمَا رَوَاهُ أبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ والحاكم وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَامِرِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ ﵁ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ» . قَالُوا: فَلَوْ كَانَتْ تُطَهَّرُ بِالدِّبَاغِ لَمْ يَنْهَ عَنِ افْتِرَاشِهَا مُطْلَقًا، وَبِحَدِيثِ سلمة بن المحبق السَّابِقِ " «دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا» " قَالُوا: وَذَكَاةُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَا تُطَهِّرُهُ. قَالُوا: وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَا يُؤْكَلُ فَلَمْ يَطْهُرْ جِلْدُهُ بِالدَّبْغِ كَالْكَلْبِ. وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا بِالتَّمَسُّكِ بِعُمُومٍ (أَيُّمَا إِهَابٍ) وَ(إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ) وَأَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ ; فَإِنَّهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ جِلْدٍ، قَالُوا: وَأَمَّا الْجَوَابُ: عَنْ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ السِّبَاعِ حِينَئِذٍ، بَلْ كُلُّ الْجُلُودِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. فَالْجَوَابُ: أَنَّهَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ قَبْلَ الدِّبَاغِ غَالِبًا، أَوْ كَثِيرًا، وَأَمَّا حَدِيثُ سلمة فَمَعْنَاهُ أَنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ مُطَهِّرٌ لَهُ وَمُبِيحٌ لِاسْتِعْمَالِهِ كَالذَّكَاةِ فِيمَا يُؤْكَلُ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْكَلْبِ فَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ نَجِسٌ فِي حَيَاتِهِ، فَلَا يَزِيدُ الدِّبَاغُ عَلَى الْحَيَاةِ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ الرَّابِعِ، وَالْخَامِسِ، وَالسَّادِسِ بِعُمُومِ أَحَادِيثِ الدِّبَاغِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْهَا بِأَنَّهَا خُصَّ مِنْهَا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنَّهُمَا نَجِسَانِ فِي الْحَيَاةِ، فَلَا يَزِيدُ الدِّبَاغُ عَلَيْهَا. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ السَّابِعِ بِرِوَايَةٍ وَرَدَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: («هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟»)، وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ، وَأَجَابَ

1 / 18