Hawi Li Fatawi
الحاوي للفتاوي
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1424 AH
Lieu d'édition
بيروت
وَهَذَا الْكَلَامُ مُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ; لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي الْخُبْزِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِ الرِّبَا إِلْحَاقُ مَا دَخَلَتْهُ النَّارُ لِلتَّمْيِيزِ بِمَا دَخَلَتْهُ لِلطَّبْخِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَأَطْلَقَ النووي ذِكْرَ وَجْهَيْنِ فَقَطْ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي غَيْرِ التَّصْحِيحِ بِتَصْحِيحٍ - هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الْمُهِمَّاتِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ ولي الدين العراقي فِي نُكَتِهِ: مُقْتَضَى كَلَامِ الرافعي تَرْجِيحُ الْبُطْلَانِ فِي السَّمْنِ وَالدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا الْوَجْهَيْنِ فِي السَّلَمِ فِي الْخُبْزِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الْبُطْلَانُ، وَحَذَفَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا التَّشْبِيهَ وَأَطْلَقَ ذِكْرَ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ مَيْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَى تَصْحِيحِ الْمَنْعِ فِي السُّكَّرِ نَقْلًا وَمَعْنًى، أَمَّا النَّقْلُ فَلِأَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الرافعي فِي الشَّرْحِ مَعَ مَا عَضَّدَهُ مِنْ خُلُوِّ كُتُبِ النووي عَنْ تَصْرِيحٍ بِتَصْحِيحٍ سِوَى تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا صَحَّحَ فِيهِ الْجَوَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بَلْ ثَبَتَ خِلَافُهُ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قُوَّةِ نَارِهِ مَعَ الْقِيَاسِ عَلَى بَابِ الرِّبَا فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ نَارِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهَا إِنْ ثَبَتَ أَنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ، نَعَمْ جَزَمَ البلقيني بِالْجَوَازِ فِي السُّكَّرِ وَنَقَلَهُ عَنِ النَّصِّ، هَذَا كُلُّهُ فِي السُّكَّرِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْؤُولِ عَنْهَا، أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَسْؤُولُ عَنْهَا فَهِيَ الْقَنْدُ وَهُوَ غَيْرُ السُّكَّرِ لُغَةً وَعُرْفًا، أَمَّا لُغَةً فَمَنْ رَاجَعَ كُتُبَ اللُّغَةِ وَجَدَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّعْرِيفِ، وَأَمَّا عُرْفًا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ أَفْرَدُوا الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَكَلَّمُوا عَلَى كُلٍّ عَلَى حِدَتِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالسُّكَّرِ غَيْرَ الْقَائِمِ فِي أَعْسَالِهِ الَّذِي هُوَ الْقَنْدُ، فَمِمَّنْ أَفْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى كُلٍّ عَلَى حِدَتِهَا البلقيني فِي التَّدْرِيبِ فَقَالَ عَطْفًا عَلَى مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ: وَفِي السُّكَّرِ عَلَى النَّصِّ وَفِي الْقَنْدِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ هَذِهِ عِبَارَتُهُ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ ولي الدين العراقي فِي فَتَاوِيهِ الْمَيْلُ إِلَى تَصْحِيحِ الْمَنْعِ فِيهِ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْقَنْدَ لَيْسَ مِثْلِيًّا، فَإِنَّ نَارَهُ قَوِيَّةٌ لَيْسَتْ لِلتَّمْيِيزِ، وَيَخْتَلِفُ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً بِحَسَبِ تُرْبَةِ الْقَصَبِ وَجَوْدَةِ الطَّبْخِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ مَنْعِ الْفُقَهَاءِ السَّلَمَ فِيمَا دَخَلَتْهُ النَّارُ لِلطَّبْخِ، لَكِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ السَّلَمَ فِي الْقَنْدِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، هَذَا لَفْظُهُ فِي فَتَاوِيهِ، وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ فَهْمًا عَنِ الْأَصْحَابِ هُوَ الْمُتَّجِهُ، وَبِهِ نُفْتِي، وَلَيْسَتِ الْمَسْأَلَةُ مُصَرَّحًا بِهَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ مَنْعِهِمَا السَّلَمَ فِيمَا طُبِخَ، وَيَزِيدُ عَلَى السُّكَّرِ غَرَرًا بِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ بِحَسَبِ تُرْبَةِ الْقَصَبِ، فَتَارَةً يَحْصُلُ مِنْهُ السُّكَّرُ كَثِيرًا وَتَارَةً قَلِيلًا بِخِلَافِ السُّكَّرِ فَإِنَّ هَذَا الْغَرَرَ مَعْدُومٌ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1 / 112