Le Grand Hawi
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
Chercheur
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
(فَلَوْ تَفِلَتْ فِي الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ مَالِحٌ ... لَأَصْبَحَ مَاءُ الْبَحْرِ مِنْ رِيقِهَا عَذْبًا)
وَقَالَ آخَرُ:
(تَلَوَّنْتَ أَلْوَانًا عَلَيَّ كَثِيرَةً ... وَخَالَطَ عَذْبًا مِنْ إِخَايِكَ مَالِحُ)
وَمَاءُ الْبَحْرِ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وعن سعيد بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَقَدَّمُوا التَّيَمُّمَ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [فاطر: ١٢] . فَمَنْعُهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مِنْ تَسَاوِي الْحُكْمِ فِي الطَّهَارَةِ بِهِمَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ: " الْبَحْرُ نَارٌ مِنْ نَارٍ.
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ ﵇ فِي الْبَحْرِ: " الْبَحْرُ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ".
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هِنْدٍ الْفِرَاسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْبَحْرُ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ " وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي طَعْمِهِ وَلَوْنِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافُ أَلْوَانِهِ يَمْنَعُ مِنْ تَسَاوِي الْحُكْمِ فِي الطَّهَارَةِ بِهِ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافُ طَعْمِهِ مَانِعًا مِنْ تَسَاوِي حُكْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ﴾ [فاطر: ١٢] . فَإِنَّمَا نَعْنِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَالْآخَرُ مِلْحٌ أُجَاجٌ غَيْرُ سَائِغٍ شَرَابُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ﵇: " الْبَحْرُ نَارٌ فِي نَارٍ " يَعْنِي أَنَّهُ كَالنَّارِ لِسُرْعَةِ إِتْلَافِهِ أَوْ أَنَّهُ يَصِيرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ [التكوير: ٦] . فَثَبَتَ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ وَالْعَذْبِ، فَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْمِلْحُ فَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْجُمُودِ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْجَارِي، فَلَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ كَانَ مَاءً جَارِيًا فَهُوَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يَصِيرُ مِلْحًا بِجَوْهَرِهِ فِي الْمَاءِ، دُونَ الْبَرِّيَّةِ كَأَعْيُنِ الْمِلْحِ الَّتِي تَنْبُعُ مَاءً مَائِعًا وَيَصِيرُ جَوْهَرُهُ مِلْحًا جَامِدًا فَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ يَتَنَاوَلُهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الِاسْمُ يُؤَوَّلُ عَنْهُ إِذَا جَمُدَ فِي ثَانِي الْحَالِ كَمَا يَجْمُدُ الْمَاءُ فَيَصِيرُ ثَلْجًا. قَالَ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، لِأَنَّهُ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَاءِ كَالنِّفْطِ وَالْقَارِ.
1 / 40