Le Grand Hawi
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
Chercheur
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
إِجْمَاعُ الْعَصْرِ الثَّانِي حُجَّةً مَعَ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا كَانَ حُجَّةً لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْخِلَافِ بَاقٍ، وَالْإِجْمَاعَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، لِأَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَسْوِيغِ الْقَوْلِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُ التَّابِعِينَ مُبْطِلًا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الثَّانِيَ لَوْ رَفَعَ الْقَوْلَ الْآخَرَ، كَانَ نَسْخًا، وَلَا يَجُوزُ حُدُوثُ النَّسْخِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْوَحْيِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَدْرَكَ أَحَدُ التَّابِعِينَ عَصْرَ الصَّحَابَةِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَخَالَفَهُمْ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ أَوْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ، وَأَنَّ خِلَافَ التَّابِعِيِّ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، لِأَنَّ عَائِشَةَ ﵂ أَنْكَرَتْ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمن خلافه، لأن ابن عَبَّاسٍ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وقالت: أراك كالفروج يصفع مَعَ الدِّيَكَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ أن خلافه معتد به، ومانع انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ دُونَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ عَاصَرَ الصَّحَابَةَ كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ فَكَانُوا يُفْتُونَ بِاجْتِهَادِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِمْ فَصَارُوا مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَنَعُوهُمْ مِنَ الفتى خَوْفًا مِنَ الْفُتْيَا بِمَا يُخَالِفُهُمْ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنَّ التَّابِعِيَّ إِنْ كَانَ حِينَ أَدْرَكَهُمْ خَاضَ مَعَهُمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فيه أعيد بِخِلَافِهِ، وَلَمْ يَنْعَقِدِ الْإِجْمَاعُ دُونَهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ سَبَقَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَكُونُ انقراض العصر شرطا في صحة الإجماع قبل الْإِجْمَاعُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِجْمَاعٌ عَنْ قَوْلٍ.
وَالثَّانِي: إِجْمَاعٌ عَنِ انْتِشَارٍ وَإِمْسَاكٍ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى الِانْتِشَارِ وَالْإِمْسَاكِ، لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِانْقِرَاضِ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِالْتِمَاسِ الدَّلِيلِ، وَيُحْتَمَلُ الْوِفَاقُ، فَإِذَا انْقَرَضُوا عَلَيْهِ زَالَ الاحتمال، ويثبت أنه إمساك وفاق، ولكن اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَاسِكِينَ فِيهِ، هَلْ يُعْتَبَرُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ بِهِمْ وُجُودُ الرِّضَى مِنْهُمْ وَالِاعْتِقَادِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ فِيهِ اعْتِقَادُهُمْ، لِأَنَّ بِالِاعْتِقَادِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ.
1 / 29