Le Grand Hawi
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
Chercheur
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
وفي هذا تعطيل الشريعة وذهاب العلم، فكذلك ما وَجَبَ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَنْ نَفَعَ بِهِ كِفَايَةً لِيَكُونَ الْبَاقُونَ تَبَعًا، وَمُقَلِّدِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ فَلَمْ يَسْقُطِ الِاجْتِهَادُ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَلَا أُمِرَ بِهِ كَافَّتُهُمْ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ فِيمَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ.
وقسم فيمن يجوز تقليده.
وقسم يختلف بِاخْتِلَافِ حَالِ السَّائِلِ وَالْمَسْؤُولِ.
فَأَمَّا مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فَهُمُ الْعَامَّةُ الَّذِينَ عُدِمُوا آلَةَ الِاجْتِهَادِ، فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، لِأَنَّهُمْ بِعَدَمِ الْآلَةِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ، كَالْأَعْمَى الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْبَصِيرِ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي الْقِبْلَةِ، لِأَنَّهُ بِفَقْدِ الْبَصَرِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَخَطَئِهَا. فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْعَامَّةِ اسْتَفْتَى فَقِيهًا فِي حَادِثَةٍ فَأَفْتَاهُ بِجَوَابِهَا فَاعْتَقَدَهُ الْعَامِّيُّ مَذْهَبًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَقَدًا لَهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِصِحَّتِهِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ. فَلَوْ عَلِمَ حُكْمَ الْحَادِثَةِ وَدَلِيلَهَا، وَأَرَادَ أَنْ يُفْتِيَ غَيْرَهُ بِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِيهَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ بِمِثْلِ وُصُولِ الْعَالِمِ إِلَيْهِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي، وَهُوَ أَصَحُّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ هُنَاكَ دَلَالَةٌ تُعَارِضُهَا هِيَ أَقْوَى مِنْهَا.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا نَصًّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةٍ جَازَ تَقْلِيدُهُ فِيهَا وَاسْتِفْتَاؤُهُ فِي حُكْمِهَا، وَإِنْ كَانَ نَظَرًا أَوِ اسْتِنْبَاطًا لَمْ يَجُزْ.
فصل: من يجوز تقليدهم
وَأَمَّا مَنْ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ:
أحدها: النبي ﷺ َ - فِيمَا شَرَعَهُ وَأَمَرَ بِهِ.
وَالصِّنْفُ الثَّانِي: الْمُخْبِرُونَ عَنْهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ.
وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ: الْمُجْمِعُونَ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ.
وَالصِّنْفُ الرَّابِعُ: الصَّحَابَةُ فِيمَا قالوه وفعلوه.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ النَّبِيُّ ﷺ َ - فَتَقْلِيدُهُ فِيمَا شَرَعَهُ وَأَمَرَ بِهِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عنه فانتهوا﴾ [الحشر: ٧] . ومنع أَصْحَابِنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ
1 / 21