246

Les épitres des questions et réponses sur divers sujets

الهوامل والشوامل

Enquêteur

سيد كسروي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

Lieu d'édition

بيروت / لبنان

قراره فَإِن الْمثل والمثل والمماثلة والتمثيل كلَاما رائقًا وَغَايَة شريفة. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: إِن الْأَمْثَال إِنَّمَا تضرب فِيمَا لَا تُدْرِكهُ الْحَواس مِمَّا تُدْرِكهُ. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أنسنا بالحواس وإلفنا لَهَا مُنْذُ أول كَونهَا وَلِأَنَّهَا مبادىء علومنا وَمِنْهَا نرتقي إِلَى غَيرهَا. فَإِذا أخبر الْإِنْسَان بِمَا لم يُدْرِكهُ أَو حدث بِمَا لم يُشَاهِدهُ وَكَانَ غَرِيبا عِنْده - طلب لَهُ مِثَالا من الْحس فَإِذا أعطي ذَلِك أنس بِهِ وَسكن إِلَيْهِ لإلفه لَهُ. وَقد يعرض فِي المحسوسات أَيْضا هَذَا الْعَارِض. أَعنِي أَن إنْسَانا لَو حدث عَن النعامة أَو الزرافة والفيل والتمساح لطلب أَن يصور لَهُ ليَقَع عَلَيْهِ وَيحصل تَحت حسه الْبَصْرِيّ وَلَا يقنع فِيمَا طَرِيقه حس الْبَصَر بحس السّمع حَتَّى يردهُ إِلَيْهِ فَهَذَا الْأَمر فِي الموهوبات فَإِن إنْسَانا لَو كلف أَن يتَوَهَّم حَيَوَانا لم يُشَاهد مثله لسأل عَن مثله وكلف مخبره أَن يصور لَهُ مثل عنقاء مغرب فَإِن هَذَا الْحَيَوَان وَإِن لم يكن لَهُ وجود فَلَا بُد لمتوهمه أَن يتوهمه بِصُورَة مركبة من حيوانات قد شَاهدهَا. فَأَما المعقولات فَلَمَّا كَانَت صورها ألطف من أَن تقع تَحت الْحس وَأبْعد من أَن تمثل بمثال الْحس إِلَّا على جِهَة التَّقْرِيب - صَارَت أُخْرَى أَن تكون غَرِيبَة غير مألوفة. وَالنَّفس تسكن إِلَى مثل وَإِن لم يكن مثلا لتأنس بِهِ من وَحْشَة الغربة. فَإِذا ألفتها وقويت على تأملها بِعَين عقلهَا من غير مِثَال سهل حِينَئِذٍ عَلَيْهَا تَأمل أَمْثَالهَا. وَالله الْمُوفق لجَمِيع الْخيرَات.

1 / 277