Les épitres des questions et réponses sur divers sujets

Miskawayh d. 421 AH
23

Les épitres des questions et réponses sur divers sujets

الهوامل والشوامل

Chercheur

سيد كسروي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

Lieu d'édition

بيروت / لبنان

وأشرف جزأي الْإِنْسَان النَّفس الَّتِي هِيَ مَعْدن كل فَضِيلَة وَبهَا وبعينها يرى الْحق وَالْبَاطِل فِي الإعتقاد وَالْخَيْر وَالشَّر فِي الْأَفْعَال وَالْحسن والقبيح فِي الْأَخْلَاق والصدق وَالْكذب فِي الْأَقَاوِيل. وَأما جزؤه الآخر الَّذِي هُوَ الْجِسْم وخواصه وتوابعه فَهُوَ أرذل جزأيه وأخسهما وَذَلِكَ أَنه مركب من طبائع مُخْتَلفَة متعادية ووجوده فِي الْكَوْن دَائِما لَا لبث لَهُ طرفَة عين بل هُوَ متبدل سيال وَلِهَذَا سمى عالمه الْعَالم السوفسطائي. وَهَذِه مبَاحث مُحَققَة مشروحة فِي موَاضعهَا وَإِنَّمَا ذكرنَا بهَا لحاجتنا فِي جَوَاب الْمَسْأَلَة إِلَيْهَا. فَإِذا كَانَ الْإِنْسَان مركبا من هذَيْن الجزأين وممزوجًا من هَاتين القوتين وَكَانَ أشرف جزأيه مَا ذَكرْنَاهُ - وَهُوَ النَّفس الَّتِي لَيْسَ وجودهَا فِي كَون وَلَا هِيَ متركبة من أَجزَاء متعادية متضادة بل هِيَ جَوْهَر بسيط بِالْإِضَافَة إِلَى الْجِسْم وَهِي قُوَّة إلهية غنية بذاتها - وَجب أَن يكون شغل الْإِنْسَان بِهَذَا الْجُزْء أفضل من شغله بالجزء الآخر لِأَن هَذَا بَاقٍ وَذَاكَ فان وَهَذَا جَوْهَر وَاحِد وَذَاكَ جَوَاهِر متضادة وَهَذَا لَهُ وجود سرمدي وَذَاكَ لَا وجود لَهُ إِلَّا فِي الْكَوْن الَّذِي لَا ثبات لَهُ. وَفِي عدنا فَضَائِل النَّفس ونقائص الْجِسْم خُرُوج عَن غَرَض هَذِه الْمَسْأَلَة. وَالَّذِي يَكْفِي فِي الْجَواب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بعد تَقْرِير هَذِه الْأُصُول وَالْإِقْرَار بهَا أَن الْإِنْسَان إِذا أحس بِهَذِهِ الْفَضَائِل الَّتِي فِي نَفسه والرذائل الَّتِي فِي جِسْمه - وَجب عَلَيْهِ أَن يستكثر من الْفَضَائِل ليرتقي بهَا إِلَى دَرَجَات الإلهيين ويقل الْعِنَايَة بِمَا يعوق عَنْهَا. وَلما كَانَ الشّغل بالحواس وخصائص الْجِسْم عائقًا عَن هَذِه الْفَضَائِل والعلوم الْخَاصَّة بالإنسان استقبح أهل كل مِلَّة الإنهماك فِيهِ وَصرف الهمة

1 / 54