كانوا يحفظون التوراة ولا يعلمون ما استودع الله تعالى فيها من الحكم والعبر، فوصفهم الله تعالى بأنه ليس عندهم من ذلك إلا أماني، والأماني: التلاوة، واحدها: أمنية؛ قال الناظم:
تمنى كتاب الله آخر ليلة ... تمني داود الزبور المنزلا
وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾، فشبه تالي القرآن من غير أن يفهمه كمثل الحمار يحمل أسفارا، وفيه وجهان:
١ - قال ابن عباس: " كلفوا العمل بها، فأقروا بها، ثم لم يعملوا بما فيها ".
٢ - والثاني: أن هذا من الحمالة والضمان، لا من الحمل على الظهر؛ يقول: حملوا ما في التوراة، ثم لم يرضوا بها.
﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾؛ قال الفراء: " الأسفار: الكتب العظام، واحدها سفر، وهو مأخوذ من الإسفار، قال الله العظيم: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾؛ لأن الكتاب يسفر عما استودعته فيه؛ فكما أن الحمار يحملها ولا
1 / 100