أكوان وسعا عن محل أوحد وقوله هذا تصريح بالحلول؛ لأنهم يقولون -لعنهم الله-: منهم من يحل الله في قلبه، ومنهم من يحل في لسانه، ومنهم من يحل في جبينه [ومنهم من يحل في يده، ومنهم من يحل في فخذه](1)، ومنهم من يحل في كله، فيقولون - رضت أفواههم-: هذا رب كامل، وهذا نصف رب ، وهذا ربع رب على حسب ما يقدرون من الحلول في أعضائهم(2) -لعنهم الله وأخزاهم-، واستعير عين الأرمد للفطنة التي لم يعرف بها صاحبها مقصده، هذا كما قال صاحب البردة:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد .....البيت
ومقاله وأولو الحلول سواهم ... كمكحل عين العمى بالإثمد
شبه ما صرح به من الحلول وإنكاره في قوله:
وأولو الحلول والاتحاد(3) سواهم ... .. ... .. البيت
بالكحل لعين الأعمى الذي لايبصر تعجب الناظر إليها، وهو لا يعرف انتفاء ما يراد منها من البصر الذي هو نعمة عظمى.
ويقول من أعني بتحذيري وذو ال
بصر السليم يرى إذا لم يرمد
أستعير للفطنة البصر السليم، وقوله: إذا لم يرمد بعد قوله فيما تقدم عمى لعين الأرمد ليس من الإيطاء(4) الذي هو من عيوب الشعر؛ لأن الأرمد صفة، ويرمد فعل مضارع، وهما مختلفان في اللفظ والمعنى
إن الذين عنيتهم ووسمتهم ... فوق الخراطم كية لم تخمد(5)
الخراطم: جمع خرطوم وهو من الأنف.
وكية لم تخمد: يعني لم يسكن لهيبها وحرها وألمها.
Page 8