327

Hashiyat Tartib

حاشية الترتيب لأبي ستة

قوله: (أوتوا الكتاب) اللام للجنس والمراد التوراة والإنجيل، والضمير في أوتيناه للقرآن، وقال القرطبي: المراد بالكتاب التوراة، وفيه نظر لقوله: (وأتيناه من بعدهم)، وأعاد الضمير على الكتاب، فلو كان المراد التوراة لما صح الإخبار لأنا إنما أوتينا القرآن، إلخ.

قوله: (هذا يومهم الذي فرض عليهم) قال ابن حجر: كذا الأكثر، وللحموي (الذي فرض الله عليهم) والمراد باليوم يوم الجمعة، والمراد بفرضه فرض تعظيمه فأشير إليه بهذا لكونه ذكر في أول الكلام كما عند مسلم من طريق آخر عن أبي هريرة، ومن حديث حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا) الحديث.

قال ابن بطال: ليس المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه فتركوه لأنه لا يجوز لأحد أن يترك ما فرض الله عليه وهو مؤمن، وإنما يدل والله أعلم أنه فرض عليهم يوم من الجمعة ووكل إلى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم فاختلفوا في أي الأيام هو، ولم يهتدوا ليوم الجمعة، ومال عياض إلى هذا ورشحه بأنه لو كان فرض عليهم بعينه لقيل: فخالفوا بدل فاختلفوا، وقال النووي: يمكن أن يكونوا أمروا به صريحا فاختلفوا هل يلزم تعيينه أو يسوغ إبداله بيوم آخر فاجتهدوا في ذلك فأخطأوا انتهى، ويشهد له ما رواه الطبري بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى: )إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه(، قال: أراد الجمعة فأخطأوا وأخذوا السبت مكانه، ويحتمل أن يراد بالاختلاف اختلاف اليهود والنصارى في ذلك وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي التصريح بأنهم فرض عليهم يوم الجمعة بعينه فأبوا ولفظه: (إن الله تعالى فرض على اليهود الجمعة فأبوا، وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق السبت شيئا فاجعله لنا) فجعل عليهم، وليس ذلك بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله: )ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة( وغير ذلك، وكيف لا وهم القائلون: سمعنا وعصينا، انتهى.

Page 2