Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
وفي الحديث من الفوائد أيضا تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، وسره أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفي به عن الأعلى من العقوبة، نبه عليه ابن دقيق العيد، وفيه جواز العقوبة بالمال كذا استدل به كثير من القائلين بذلك من المالكية وغيرهم، وفيه نظر لما أسلفناه، يعني من أن الخبر ورد مورد الزجر وحقيقته غير مرادة، والاحتمال أن التحريق من باب ما لا يتم الواجب إلا به، إذ الظاهر أن الباعث على ذلك أنهم كانوا يختفون في بيوتهم فلا يتوصلون إلى عقوبتهم إلا بتحريقها عليهم، وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرة، لأنه صلى الله عليه وسلم هم بذلك في الوقت الذي عهد منه فيه الاشتغال بالصلاة بالجماعة فرأى أن يبغتهم في الوقت الذي يتحققون أنه لا يطرقهم فيه، وفي السياق إشعار بأنه تقدم منه زجرهم عن التخلف بالقول حتى استحقوا التهديد بالفعل، إلى أن قال: واستدل به ابن العربي وغيره على مشروعية قتل تارك الصلاة متهاونا بها، إلى أن قال: واستدل به ابن العربي على جواز إعدام محل المعصية كما هو مذهب مالك، وتعقب بأنه منسوخ كما قيل في العقوبة بالمال" انتهى.
قوله: »وكانت بين قرني الشيطان« في بعض كتب قومنا مستدلا على تحريم الصلاة في الأوقات المكروهة ما نصه: قال عليه السلام: "إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا دنت للغروب قارنها" رواه الشافعي بسنده، والمراد بقرن الشيطان قومه وهم عباد الشمس يسجدون لها في هذه الأوقات، وقيل: إن الشيطان يدني رأسه من الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجد له ساجدا له وقيل غير ذلك" انتهى.
قوله: »فليصلها إذا ذكرها« زاد في الإيضاح بعده "فذلك وقتها" وقد وجد هذا في بعض النسخ، ولفظ الحديث في البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصل إذا ذكر لا كفارة لها إلا ذلك، قال تعالى: {وأقم الصلاة لذكري}[طه:14].
Page 184