حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
Maison d'édition
المكتبة السلفية ودار الحديث
Lieu d'édition
بيروت
Genres
ذَاهِباً وَرَاجِعاً فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْغِلُ الْقَلْبَ فَإِنْ اتجَرَ لَمْ يُؤَثِّرْ ذلك في صحة حجه وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الْإِخْلَاصِ فِي حجه وَأَنْ يُرِيدَ به وَجْهَ الله تَعَالَى. قَالَ الله تَعَالَى: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) وَثَبَتَ في الحديث الصَّحِيح عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ". وَيَنْبَغِي لِمَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يَحِجَّ مُتَبرِّعا مُمتَحَضِّا لِلْعِبَادَةِ فَلَوْ حَجَّ مَكْرِيًّا جمَاله أَوْ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ جَازَ لَكِنْ فاتتْهُ الْفَضِيلَةُ
يَكُنِ الدَّاعِي لَهُ لِلْعَمَلِ خَالِصًا نَقَصَ ثَوَابُهُ وَكَانَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: إِذَا قِيلَ لَهُ صَلِّ وَلَكَ دِينَارٌ وَفِيمَا إِذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَدَفْعِ الْغَرِيمِ الظَّاهِرِ عَدَمُ حُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الظَّاهِرِ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ قَصْدُ الْحَجِّ هُوَ الْبَاعِثَ فَقَطْ بِرَدِّهِ قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرْتُهُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَوْلَةَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْتَمَّ فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَفْتَثِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي خَبَرٍ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْبَاعِثُ الْأَوَّلُ قَصْدَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ لَمْ يَضُرَّهُ مَا انْضَافَ إِلَيْهِ وَيُجَابُ عَنْ خَبَرِ مَنْ عَمِلَ إِلَى آخِرِهِ بِحَمْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ عَلَى إِذَا مَا قَصَدَ بِعَمَلِهِ كَحَجَّةِ الرِّيَاءِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ فَلَا يُمْكِنُ مُجَامَعَةُ الثَّوَابِ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَأَعَادَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى طَرِيقَتِهِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الِاشْتِرَاكِ التَّسَاوِي وَهُوَ عِنْدَهُ مُحْبِطٌ لِلْعَمَلِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ قَصَدَ الدُّنْيَا لِنُمُوِّ مَالِهِ فَقَطْ أَمَّا لَوْ قَصَدَهَا لِكَفَايَةِ عِيَالِهِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُحْتَاجِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الثَّوَابُ بَلْ كَمَالُهُ لِأَنَّ كَلَامَ الْقَصْدَيْنِ أُخْرَوِيٌّ ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ جَمَاعَةَ ذَكَرَ مَا يُؤَيِّدُهُ فَقَالَ إِنْ قَصَدَ بِالْمُتْجَرِ التَّوْسِعَةَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَلَوْ بِالسَّعْيِ بِلَا شَطَطٍ وَأَخْلَصَ فِي هَذَا الْمَقْصِدِ كَانَ مَأْجُورًا أَوْ لِلتَّفَاخُرِ بِكَثْرَةِ مَالِهِ وَالتَّرَفُّعِ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ
40