Hâshiyah Ibn ‘Âbidîn

Ibn Abidin d. 1252 AH
75

Hâshiyah Ibn ‘Âbidîn

حاشية ابن عابدين

Maison d'édition

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1386 AH

Lieu d'édition

مصر

لَازِمٌ لَهَا فِي كُلِّ الْأَرْكَانِ، وَمَا قِيلَ قُدِّمَتْ لِكَوْنِهَا شَرْطًا لَا يَسْقُطُ أَصْلًا، وَلِذَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، وَمَا أُورِدَ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ كَذَلِكَ مَرْدُودٌ كُلُّ ذَلِكَ أَمَّا النِّيَّةُ فَفِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا: مَنْ تَوَالَتْ عَلَيْهِ الْهُمُومُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ بِلِسَانِهِ. وَأَمَّا الطَّهَارَةُ، فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَبِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِلَا وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَلَا يُعِيدُ، قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ فِي الْأَصَحِّ. وَأَمَّا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، فَفِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَشَبَّهُ عِنْدَهُمَا، وَإِلَيْهِ صَحَّ رُجُوعُ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. ــ [رد المحتار] وَمِثْلُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ. وَأَمَّا وُجُوبُهُ فِي خَارِجِهَا فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَازِمٌ لَهَا فِي كُلِّ الْأَرْكَانِ) أَقُولُ: لَمْ تَظْهَرْ لِي فَائِدَةُ هَذَا الْقَيْدِ فِي كَلَامِهِ، نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ السُّقُوطِ أَصْلًا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُشْتَرَطُ اسْتِصْحَابُهَا لِكُلِّ رُكْنٍ، وَقَدْ عَلِمْت الِاحْتِرَازَ عَنْ النِّيَّةِ بِمَادَّةِ الِاخْتِصَاصِ، عَلَى أَنَّهُ سَيَذْكُرُ عَنْ الْفَيْضِ أَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ تَسْقُطُ أَصْلًا فَلَيْسَتْ شَرْطًا لَازِمًا دَائِمًا، فَإِنْ أَرَادَ لُزُومَهَا بِدُونِ عُذْرٍ وَرَدَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَالسَّتْرُ فَإِنَّهُمَا كَالطَّهَارَةِ فِي ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ) قَائِلُهُ الْإِمَامُ السِّغْنَاقِيُّ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَهِيَ أَوَّلُ شَرْحٍ لِلْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ أَصْلًا) أَيْ لَا يَسْقُطُ بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) أَيْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ كَمَنْ حُبِسَ وَقُيِّدَ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ شَرْطٌ لَا يَسْقُطُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ دَعْوَى عَدَمِ سُقُوطِ الطَّهَارَةِ أَصْلًا، وَأَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ يُؤَخِّرُ، وَأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَسْقُطُ أَيْضًا، وَأَتَى بِرَدِّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ غَيْرَ مُرَتِّبٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا النِّيَّةُ) أَيْ أَمَّا وَجْهُ الرَّدِّ فِي دَعْوَى عَدَمِ سُقُوطِ النِّيَّةِ أَصْلًا، وَهَذَا الرَّدُّ الَّذِي بَعْدَهُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: فَفِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا) كَالْمُجْتَبَى، وَهُوَ أَيْضًا لِلْعَلَّامَةِ مُخْتَارِ بْنِ مَحْمُودٍ الزَّاهِدِيِّ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ، وَكِتَابُ الْقُنْيَةِ مَشْهُورٌ بِضَعْفِ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا الْفَرْعُ مِنْ شَرْحِ الصَّبَّاغِيِّ. (قَوْلُهُ: تَكْفِيهِ النِّيَّةُ بِلِسَانِهِ) إطْلَاقُ النِّيَّةِ عَلَى اللَّفْظِ مَجَازٌ. اهـ. ح: أَيْ لِأَنَّ النِّيَّةَ عَمَلُ الْقَلْبِ لَا اللِّسَانِ، وَإِنَّمَا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ كَلَامٌ، وَمِنْ ثَمَّ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى كَوْنِهَا بِالْقَلْبِ، فَقَدْ سَقَطَتْ النِّيَّةُ هُنَا لِلْعُذْرِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سُقُوطِهَا. بَقِيَ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا لِلْعَاجِزِ إنْ كَانَ غَيْرَ شَرْطٍ فَلَا إشْكَالَ؛ وَلِذَا اخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ عَزِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْقُنْيَةِ. وَرَدَ عَلَيْهِ مَا فِي الْحِلْيَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ أَنَّهُ نُصِبَ بَدَلٌ بِالرَّأْيِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ دَلِيلُهُ، وَأَقَرَّهُ فِي الْمِنَحِ. أَقُولُ: وَمَا قَالَهُ الْحَمَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نِيَّةِ الْقَلْبِ صَارَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ أَصْلًا لَا بَدَلًا اهـ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ. وَأَيْضًا هُوَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، فَإِنَّ نَصْبَ الشُّرُوطِ الْأَصْلِيَّةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ أَيْضًا، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَخْرِيجَاتِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَنْقُولًا عَنْ الْمُجْتَهِدِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقَلَّدَ طَلَبُ دَلِيلِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَلِيمًا مَسَحَهُ عَلَى الْجِدَارِ بِقَصْدِ التَّيَمُّمِ ط، وَسَكَتَ عَنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَعْضَاءِ جَرِيحٌ، وَالْوَظِيفَةُ حِينَئِذٍ التَّيَمُّمُ وَلَكِنَّهُ سَقَطَ لِفَقْدِ آلَتِهِ وَهُمَا الْيَدَانِ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: يُصَلِّي بِلَا وُضُوءٍ) أَيْ فَسَقَطَ قَوْلُهُمْ إنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَسْقُطُ أَصْلًا ط، لَكِنْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي رِسَالَةٍ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ بِعُذْرٍ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ إمْكَانِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا هُنَا رَاجِعٌ إلَى زَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ، عَلَى أَنَّ التَّخَلُّفَ فِي مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ قَلَّمَا تَقَعُ لَا يَقْدَحُ فِي الْكُلِّيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَصْحَابِ الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) هَذَا رَدٌّ مِنْ الشَّارِحِ لِلدَّعْوَى الْوُسْطَى ط. (قَوْلُهُ: يَتَشَبَّهُ) أَيْ بِالْمُصَلِّينَ وُجُوبًا، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إنْ وَجَدَ مَكَانًا يَابِسًا،

1 / 80