Hachia Al-Addawi sur la suffisance de l'étudiant Rabbani

Ali al-Saidi al-Adawi d. 1189 AH
79

Hachia Al-Addawi sur la suffisance de l'étudiant Rabbani

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Chercheur

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

بيروت

لَهُ فَبِفَضْلِهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] . وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ (مَنْ عَاقَبَهُ) اللَّهُ ﷾ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ (بِنَارِهِ) فِي دَارِ الْعِقَابِ (أَخْرَجَهُ مِنْهَا بِ) سَبَبِ (إيمَانِهِ فَأَدْخَلَهُ) بِسَبَبِهِ (جَنَّتَهُ) دَارَ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ جُعِلَ الْإِيمَانَ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّبِيُّ ﷺ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ الْجَنَّةَ» قُلْت: أُجِيبُ بِأَنَّ إيمَانَهُ سَبَبٌ مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ وُجُودِهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَهُ بِقَوْلِهِ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] التِّلَاوَةُ فَمَنْ بِالْفَاءِ، وَالْمِثْقَالُ ثِقْلُ الشَّيْءِ أَيْ زِنَتُهُ، وَإِطْلَاقُ الْمِثْقَالِ هُنَا مَجَازٌ إذْ الْمَعْنَى لَا يُوزَنُ بِمِثْقَالٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَالذَّرَّةُ النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ، ــ [حاشية العدوي] وَمِنْهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَذَّبُ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ، وَهُوَ آخَرُ مَنْ يَبْقَى فِي النَّارِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: هَنَّادٌ، وَقِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُهَيْنَةُ وَالْبَاءُ فِي بِنَارِهِ لِلتَّعْدِيَةِ. [قَوْلُهُ: فِي دَارِ الْعِقَابِ] إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّارِ دَارَ الْعِقَابِ فَوَرَدَ عَلَى الشَّارِحِ حِينَئِذٍ اعْتِرَاضٌ بِأَنَّ الْعَذَابَ فِيهَا لَا يَخْتَصُّ بِالنَّارِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّارَ مُعْظَمُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالنَّارِ دَارَ الْعِقَابِ. قَالَ اللَّقَانِيُّ: لِاشْتِمَالِ تِلْكَ الدَّارِ عَلَى النَّارَ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ فَلَا اعْتِرَاضَ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَهُ بِسَبَبِهِ] أَيْ فَالْإِيمَانُ سَبَبٌ فِي شَيْئَيْنِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ النَّارِ، وَفِي إدْخَالِهِ الْجَنَّةَ. [قَوْلُهُ: جَنَّتَهُ] أَيْ جِنْسَ جَنَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَانَ سَبْعٌ: جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ، وَجَنَّةُ الْمَأْوَى وَجَنَّةُ الْخُلْدِ، وَجَنَّةُ النَّعِيمِ، وَجَنَّةُ عَدَنَ، وَدَارُ السَّلَامِ، وَدَارُ الْخُلْدِ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ] جَعَلَ السُّؤَالَ مُتَعَلِّقًا بِالطَّرَفِ الثَّانِي، أَعْنِي قَوْلَهُ: فَأَدْخَلَهُ بِسَبَبِهِ دُونَ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ، أَعْنِي قَوْلَهُ: فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا بِسَبَبِ إيمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَا يُنَاقِضُهُ. [قَوْلُهُ: أُجِيبُ إلَخْ] أَيْ فَالسَّبَبُ مُرَكَّبٌ مِنْ طَرَفَيْنِ: الْإِيمَانُ وَالرَّحْمَةُ، أَيْ فَقَوْلُهُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ أَرَادَ وَحْدَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُدْخِلُ مَعَ غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَةُ. وَقَوْلُهُ: فَأَدْخَلَهُ بِسَبَبِهِ جَنَّتَهُ أَيْ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ الرَّحْمَةُ، وَأُجِيبُ بِجَوَابٍ ادَّعَى تت أَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْ الْجَوَابِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ شَارِحُنَا، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: ذَكَرَ الْإِيمَانَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ دُخُولِ الْكَافِرِ إذْ لَوْ قَالَ: مَنْ عَاقَبَهُ بِنَارِهِ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ لَالْتَبَسَ الْأَمْرُ، وَلَمَّا زَادَ بِإِيمَانِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ مِنْ النَّارِ إنَّمَا هُوَ الْمُؤْمِنُ، قُلْت: فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِإِيمَانِهِ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ يُقَالُ: الْإِيمَانُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَمَلٌ إلَّا عَلَى جِهَةِ النُّدُورِ، وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ عَلَى عَمَلِ الْجَوَارِحِ. [قَوْلُهُ: مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ] لَا يَخْفَى أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ عِبَارَةٌ عَنْ إنْعَامِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وُجُودُهُ يَرْجِعُ لِإِنْعَامِهِ، وَالْعَفْوُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ جَمْعُ الرَّحْمَةِ وَالْجُودِ لِكَوْنِهِمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْإِنْعَامِ وَتَقْدِيمِ الْعَفْوِ، فَيَقُولُ: سَبَبٌ مَعَ عَفْوِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وُجُودِهِ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ التَّخْلِيَةِ عَلَى التَّحْلِيَةِ، فَالْعَفْوُ يَرْجِعُ لِلتَّخْلِيَةِ وَالْجُودُ لِلتَّحْلِيَةِ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَدَلَّ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَضِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ لِتَكُونَ إشَارَةً إلَى الْآيَةِ لِأَجْلِ الِاسْتِدْلَالِ، فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ لَاحَظَ الِاسْتِدْلَالَ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى قُلْت: الْقُرْآنُ لَا تَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاسْتِدْلَال مِنْ حَيْثُ الْمُوَافَقَةُ لِمَعْنَى الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ رِوَايَةَ الْقُرْآنِ بِالْمَعْنَى، لَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِالْوَاوِ وَيُؤْذِنُ بِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَاجِبِ اعْتِقَادَ مَدْلُولِهِ لَا قَصْدَ الِاسْتِدْلَالِ، فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ؟ قُلْت إنَّ رُؤْيَةَ الْجَزَاءِ بِمُقْتَضَى كَلَامِهِ لَا تَكُونُ إلَّا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ أَوْ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ خُرُوجُهُ مِنْ النَّارِ وَبَقَاؤُهُ فِي الْأَعْرَافِ جَزَاءٌ لِعِلْمِهِ مَعَ أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الْخُرُوجَ مِنْ النَّارِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، فَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ أَنْ يُعَدَّ جَزَاءً لِعَمَلِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ النَّارِ لَا يَكُونُ جَزَاءً لِعَمَلِهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ النَّارِ لِكَوْنِهِ اسْتَوْفَى مَا عَلَيْهِ فَبَقِيَ جَزَاءُ عَمَلِهِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ أَوْ فِي الْجَنَّةِ. [قَوْلُهُ: مِثْقَالَ ذَرَّةٍ] مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى. [قَوْلُهُ: خَيْرًا] مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، أَيْ مِنْ خَيْرٍ، [قَوْلُهُ: أَيْ زِنَتُهُ] وَيُطْلَقُ الْمِثْقَالُ أَيْضًا عَلَى دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: إذْ الْمَعْنَى لَا يُوزَنُ بِمِثْقَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلَيْسَ الْمِثْقَالُ فِيهِ عَيْنَ الْمَعْنَى الْأَوْلَى الَّذِي فَسَّرَهُ بِهِ وَإِلَّا

1 / 81