علم للذات الواجب الوجود، وهو اسم جنس لكل معبود، ثم عرف بأل وحذفت الهمزة، ثم استعمل في المعبود بحق، وهو الاسم الاعظم عند الاكثر، ولم يسم به غيره ولو تعنتا.
والرحمن الرحيم
ــ
علم أنه يكثر استعماله فخففه، ثم سكنت سينه، وأتى بهمزة الوصل توصلا وعوضا عن اللام المحذوفة.
فوزنه حينئذ: أفع، فهو من الأسماء المحذوفة الأعجاز، ويشهد لذلك أنهم اتفقوا على أمور، منها أن تصغير اسم سمى أصله سميو، قلبت الواو ياء وأدغمت الياء الأولى فيها.
ومنها أن جمعه أسماء، وأصله أسما وقلبت الواو همزة لتطرفها عقب ألف زائدة.
ومنها أن الفعل منه سميت وأسميت وتسميت، وأصلها سموت وأسموت وتسموت، قلبت الواو ياء لوقوعها رابعة عقب غير ضم.
(وقوله: لا من الوسم) وهو العلامة - أي عند البصريين كما علمت، وأما عند الكوفيين فهو مأخوذ منه.
أي من فعله، وأصله عندهم: وسم بفتح الواو وسكون السين، فخفف عند أكثرهم بحذف صدره لكثرة الاستعمال وأتى بهمزة الوصل لما مر، فوزنه على هذا أعل، فهو من الأسماء المحذوفة الصدر.
ومذهبهم أقل إعلالا، لكن رد بما تقدم من التصغير والجمع.
والفعل ولو كان مأخوذا من الوسم لكان تصغيره وسيما وجمعه أوسام، والفعل منه وسمت، وليس كذلك، كما تقدم.
قال بعضهم: إن قول البصريين مبني على أن الله تسمى بأسماء من الأزل، وقول الكوفيين مبني على أن الأسماء من وضع البشر.
والمذهب الأول أصح، وهو مذهب أهل السنة.
والثاني مذهب أهل الاعتزال، لأنه يقتضي أنه سبحانه كان في الأزل بلا أسماء وصفات، فلما خلق الخلق جعلوا له ذلك، فإذا أفناهم بقي بلا أسماء وصفات.
ورد هذا البناء العلامة الصبان في رسالة البسملة، فقال: ليس في المذهبين ما يقتضي هذا البناء، وذلك لأن جميع الأسماء ألفاظ، والألفاظ غير أزلية، بل هي حادثة باتفاق الجمهور من الفريقين.
ولهذا حمل قول من قال أسماء الله قديمة على المسامحة.
(قوله: والله علم) أي بالوضع الشخصي على التحقيق، لامسماه معين موجود خارجا.
لكن لا يجوز أن يقال ذلك إلا في مقام التعليم حذرا من إيهام معنى الشخص المستحيل، وهو من قامت به مشخصات، والواضع هو الله تعالى، وقيل البشر.
واعترض بأن ذات الله لا تدرك بالعقل فكيف وضع لها العلم؟.
وأجيب بأنه يكفي في الوضع التعقل بوجه ما - كما هنا - فإن الذات أدركت بتعقل صفاتها.
(وقوله: الواجب الوجود) بيان وتعيين المسمى وليس معتبرا من المسمى، وإلا لكان المسمى مجموع الذات والصفة، وليس كذلك.
ومعنى كون واجب الوجود: أنه لا يجوز عليه العدم، فلا يسبقه عدم، ولا يلحقه عدم.
وخرج بذلك واجب العدم كالشريك وجائز الوجود والعدم كالممكن.
ويلزم من كونه ﷾ واجب الوجود أن يكون مستحقا لجميع المحامد، وبعضهم صرح به.
(قوله: وأصله إله) أي أصله الأول إله، كإمام، وهو اسم جنس لكل معبود، أي سواء كان بحق أو باطل، ثم بعد تعريفه غلب استعماله في الله المعبود بحق غلبة تقديرية، وهي اختصاص اللفظ بمعنى مع إمكان استعمال في غيره بحسب الوضع، لكن لم يستعمل فيه بالفعل كما هنا، فإن لفظ الإله صالح لأن يستعمل في غير الله بحسب الوضع لكن لم يستعمل إلا في الله ﷾.
(قوله: ثم عرف بأل) أي فصار الإله، ثم حذفت الهمزة الثانية بعد نقل حركتها إلى اللام فصار أللاه، ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية ثم فخمت للتعظيم فصار الله، ففيه خمسة أعمال (قوله: وهو الاسم الأعظم عند الأكثر) واختار النووي ﵀ أنه الحي القيوم.
فإن قيل: إن من شرط الاسم الأعظم أنه إن دعي ﷾ به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وهذا ليس كذلك، فقد يدعو كثير به ولا يستجاب دعاؤه؟ فالجواب أن للدعاء آدابا وشروطا لا يستجاب الدعاء إلا بها، فأولها إصلاح الباطن باللقمة الحلال، لما قيل: الدعاء مفتاح السماء وأسنانه لقمة الحلال.
وآخرها الإخلاص وحضور القلب، كما قال تعالى: * (فادعوا الله مخلصين له الدين) * وكما قال لسيدنا موسى ﵊: يا موسى إن أردت أن يستجاب لك دعاؤك فصن بطنك من الحرام وجوارحك عن الآثام.
وقال سيدي
عبد القادر الجيلاني: الله هو الاسم الأعظم، وإنما يستجاب لك إذا قلت الله وليس في قلبك غيره.
ولهذا الاسم خواص
1 / 16