Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
أو إلى، فعومل معاملة اختار في قوله تعالى: واختار موسى قومه [الأعراف: 155] وهداية الله تعالى تتنوع أنواعا لا يحصيها عد كما قال تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [النحل: 18] ولكنها تنحصر في أجناس مترتبة: الأول إفاضة القوى التي بها يتمكن المرء من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة.
والثاني نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد، وإليه أشار حيث قال: في قوله تعالى: واختار موسى قومه سبعين رجلا [الأعراف: 155] أي من قومه والأصل في هذه الآية اهدنا للصراط المستقيم أو إلى الصراط. والفاء في قوله: «فعومل» فصيحة أي إذا كان الأصل ما ذكر علم أنه من قبيل الحذف والإيصال فإنه قد يقع فيما يتعدى بواسطة حرف الجر فيحذف حرف الجر ويعدى الفعل بنفسه قال الجوهري: يقال هديته الطريق والبيت هداية أي عرفته، وهذه لغة أهل الحجاز وغيرهم يقولون هديته إلى الطريق وإلى البلد حكاها الأخفش. إلى هنا كلامه. وهذا صريح في أن التعدي بنفسه أيضا لغة أصلية لبعض الطائفة وكلام المصنف مبني على لغة غيرهم، وفرق بعضهم بين هدى المتعدي بنفسه بأن معنى الأول الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب ولا يستند إلا إلى الله تعالى لأن الموصل إليه ليس إلا هو الله تعالى وحده. قوله: (الأول إفاضة القوى التي بها يتمكن المرء من الاهتداء إلى مصالحه) فإن قيل: نصب الدلالة مقدم على إفاضة القوى فكيف يصح أن يجعلها أول الأجناس المرتبة التي تحتها أنواع لا يحصيها عد؟ أجيب بأن ليس المراد بالترتيب الذي اعتبره بين تلك الأجناس ترتبها في تحققها بحسب أنفسها وفي حد ذاتها بل المراد ترتب الاهتداء بها فإن الاهتداء بالدلائل العقلية إنما يتأتى بإرادة الله تعالى للأشياء كما هي وهو إنما يكون بعد الاهتداء ببيان الكتب وتبليغ الرسل والأجناس المرتبة لأنواع هداية الله أربعة كل واحد منها متوقف على ما قبله في كونه طريق الاهتداء والمتكلمون وإن أنكروا الحواس الباطنة لابتنائها على هذيانات الفلاسفة من نفي الفاعل المختار والقول بأن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، فاللائق للمصنف أن لا يتعرض لها إلا أنه تعرض لها بناء على أن القول بثبوتها لا يجب أن يكون مبنيا على الهذيانات المذكورة فكما يجوز أن يصدر من النفس آثار مختلفة بتوسط الآلات والحواس الظاهرة بمقتضى الحكمة الآلهية فلم لا يجوز صدورها عنها بتوسط الحواس الباطنة بإرادة الفاعل المختار وذلك بمقتضى حكمته؟ قوله: (وإليه أشار) أي إلى ما ذكر من هدايته تعالى بنصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل أشار بقوله تعالى:
وهديناه النجدين [البلد: 10] أي نصبنا له دليلي الخير والشر وطريقي الحق والباطل.
والنجد الطريق المرتفع شبه به الدليل الواضح من حيث إنه لوضوحه كأنه موضع مرتفع يراه كل ناظر وبقوله: وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى [فصلت: 17] أي هديناهم
Page 91