Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
الأحجار كلها لتلك النار كحجارة الكبريت لسائر النيران. ولما كانت الآية مدنية نزلت بعد ما نزل بمكة قوله تعالى في سورة التحريم نارا وقودها الناس والحجارة [التحريم: 60] وسمعوه صح تعريف النار ووقوع الجملة صلة فإنها يجب أن تكون قصة معلومة.
أعدت للكافرين (24) هيئت لهم وجعلت عدة لعذابهم. وقرىء اعتدت تتقد به كل نار وإن ضعفت فاتقادها بالكبريت لا يدل على قوتها وتفاقم لهبها. فإن صح هذا القول عن ابن عباس فلعله عنى أن الأحجار كلها لتلك النار فحجارة الكبريت لسائر النيران، يعني أن المراد بالحجارة المذكورة في الآية الأحجار كلها بناء على قاعدة أن المجموع المحلى باللام للعموم والاستغراق. وقول ابن عباس رضي الله عنهما «هي حجارة الكبريت» محمول على التشبيه البليغ بأن يجعل ضمير «هي» للحجارة المحمولة على العموم ويحكم عليها بأنها حجارة الكبريت بحذف أداة التشبيه مبالغة في التشبيه. قوله: (ولما كانت الآية مدنية) لما تقرر أن هذه السورة كلها مدنية إلا قوله تعالى: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله [البقرة: 281] فإن هذه الآية نزلت يوم عرفة بمنى في حجة الوداع، وهو إشارة إلى جواب ما يقال: لم جاءت النار الموصوفة بهذه الجملة منكرة في سورة التحريم وههنا معرفة؟ وإلى جواب ما يقال: صلة «الذين» و «التي» يجب أن تكون قصة معلومة للمخاطب فكيف علم أولئك أن نار الآخرة توقد بالناس والحجارة؟ وحاصل الجواب أن الآية التي في سورة التحريم نزلت بمكة فعرفت الكفار منها نارا منكرة موصوفة بهذه الصفة ثم نزلت بالمدينة هذه الآية التي في سورة البقرة مشتملة على ذكرها معرفة لكونها معهودة مشارا إلى ما عرفوه أولا وهو النار الموصوفة بتلك الجملة، فكانت تلك الجملة معهودة معلومة الانتساب إلى تلك النار فصح جعلها صلة. ذكر في الحواشي الشريفية: أنه اعترض عليه أولا بأن سماع الآية التي في سورة التحريم لا يفيدهم العلم إذ لا يعتقدون حقيقتها، وأجيب بأن إدراكهم الحاصل بالسماع كاف في ذلك ولا يحتاج إلى أن يجزموا، وثانيا بأن الصفة يجب أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصول كالصلة ومن ثم اشتهر أن الصفات قبل العلم بها إخبار، والإخبار بعد العلم بها أوصاف فيعود السؤال بعينه في قوله تعالى: نارا وقودها الناس والحجارة [التحريم: 6] وأجيب بأن الصلة والصفة يجب كونهما معلومتين للمخاطب لا لكل سامع وما في سورة التحريم خطاب للمؤمنين وقد علموا ذلك بسماعهم من النبي صلى الله عليه وسلم، ولما سمع الكفار ذلك الخطاب أدركوا منه نارا موصوفة بتلك الجملة فجعلت صلة فيما خوطبوا به إلى هنا كلام الشريف.
Page 411